السعودية تغرق في «لغز» خاشقجي… وترامب يرتبك باستقالة نيكي هايلي
الأسد يفتح الباب لحلّ الجماعات المسلحة وعودة النازحين بالعفو العام
الحريري يمدّد المهلة… ومبادرة لأرسلان تلقى تجاهلاً جنبلاطياً… ووزير القوات «جوّال»
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
لم تنفع حملة «البراءة» السعودية في تحويل قضية اختفاء الصحافي جمال خاشقجي إلى لغز، رغم الحملة الإعلامية المكثفة التي شارك فيها شقيق ولي العهد محمد بن سلمان ونجل الملك سلمان السفير السعودي في واشنطن خالد بن سلمان، الذي تحدّث عن علاقة إيجابية تربطه بخاشقجي، مستغرباً الحادثة، بينما تحدثت وسائل الإعلام السعودية عن جهة ثالثة تقف وراء اختفاء خاشقجي واتهام الرياض بالتخلص منه، مشيرة إلى قطر كجهة مستفيدة من العملية، لكن كل أصابع الاتهام بقيت تتجه نحو النظام السعودي الذي لم يثبت خروج خاشقجي من قنصليته في أنقرة. وفشلت التحقيقات التركية في إيجاد اي أثر له خارجها، وخرجت التعليقات الغربية والحقوقية تدعو السلطات السعودية إلى لتحقيق شفاف يكشف مصير خاشقجي بدلاً من الحملات الدعائية التي لم ولن تقنع أحداً.
في واشنطن هزّة جديدة في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تمثلت بالاستقالة المفاجئة لممثلة ترامب في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي نيكي هايلي، من دون أسباب مقنعة، كالتي تحدثت عنها هايلي وأوساط قريبة منها، مثل نية العمل في القطاع الخاص أو التفرّغ للاعتناء بعائلتها، بينما تحدثت بعض الأوساط الإعلامية عن نيتها الترشح للرئاسة في الدورة المقبلة، وتريد ترتيب حملتها وأوراقها، لكن بقي السبب المتداول وراء كواليس السياسة هو عدم الانسجام بينها وبين وزير الخارجية مايك بومبيو الذي يحظى بثقة الرئيس ترامب، ونجح بتضييق هامش الاستقلالية الذي فرضته هايلي في عهد الوزير السابق ريكس تيلرسون، الذي يُقال إن نيكي هايلي كانت وراء قرار ترامب بإقالته دون أن يحظى بفرصة سماع القرار من الرئيس بعد ما تبلّغه عبر تغريدة أثناء وجوده في مهمة خارجية.
في المنطقة حيث سورية وأحداثها، خصوصاً مسار تفاهم سوتشي، عنوان المتابعة الدولية، ومحور ترسيخ المعادلات التي يشكل تقدّم الدولة السورية ومشروعها عنوانه، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوماً بالعفو العام يطال بصورة رئيسية الجرائم العسكرية كالتخلّف عن أداء الخدمة العسكرية أو الفرار من القوات المسلّحة، بصورة تتيح فتح الباب لحلّ الجماعات المسلحة وتسوية أوضاع أعضائها، كما تشجّع على عودة النازحين، حيث تشكل الأوضاع القانونية للمسلحين وعدد كبير من النازحين السوريين عقبة أمام تسوية أوضاعهم، وتوقعت مصادر معنية بالملفين، أن يكون للعفو مفاعيل سريعة بعدما أنجز سحب السلاح الثقيل من إدلب في تشجيع عناصر الجماعات المسلحة الذين بات أغلبهم على قناعة بسقوط المشروع الذي راهنوا عليه، ليسلكوا طريق العودة إلى مشروع الدولة، وأن يكون للعفو تأثير كبير في مضاعفة أعداد النازحين العائدين إلى سورية، انطلاقاً من أن أغلب العائلات الراغبة بالعودة تعاني مشكلة وجود مطلوبين للخدمة العسكرية بين أبنائها.
لبنانياً، مدّد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري المهلة التي حدّدها لولادة حكومته الجديدة خمسة أيام إضافية بحديثه عن تفاؤله بصدور التشكيلة الحكومية خلال عشرة ايام من اليوم، متجاهلاً مرور خمسة أيام من المهلة التي سبق وحدّدها بعشرة، مضيفاً أنه لن يعتذر لأنه لا ينوي أن يطلب من أحد تسميته مجدداً، ولكنه لم يقل إنه لن يقبل بإعادة تكليفه في حال الاعتذار، كما تداولت الكثير من وسائل الإعلام.
العقد الحكومية تدور في أرضها أو حول نفسها، حيث لا جديد واضحاً في ما سُمّي العقدة السنية، والنواب من خارج تيار المستقبل يؤكدون أن لا جديد في ملف تمثيلهم، بينما العقدة المسيحية تجول بين بيت الوسط ومقر عين التينة مع وزير القوات «الجوال» وزير الإعلام ملحم رياشي، من دون أن يبدو أن في الحركة «بركة»، والعقدة الدرزية التي ظهر أنها محور حلحلة، بدت الحلول فيها غامضة، فكلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن التنازل للوطن، ومبادرة النائب طلال إرسلان بالاستعداد لتنازل مقابل والقبول بتسمية لائحة من خمسة مرشحين للمقعد الوزاري الدرزي الذي كان يُصرّ مدعوماً من التيار الوطني الحر على حجزه، على أن يختار رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري واحداً منهم لهذا المقعد، بقيت مبادرة بلا أصداء، حيث غرّد جنبلاط متجاهلاً، فتحدث عن أمور أخرى، وعلق وزير التربية مروان حمادة على كلام أرسلان بالتخفيف من قيمته، بحيث بدا أن الحلحلة والتنازل عنوان جامع، لكن وفق معادلة «الجمل بنيّة والحمل بنيّة والجمّال بنيّة».
أرسلان يلاقي جنبلاط بمخرج للتمثيل الدرزي!
بدأ العد العكسي لنهاية مهلة الأيام العشرة التي حدّدها الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة مع انقضاء اليوم الخامس، ما يُقلل من احتمال أن تصدُق التوقعات الحريرية في غياب مؤشرات واضحة على ولادة وشيكة للحكومة، وفيما التأليف لا يزال ينتظر جلاء العقدة الإقليمية يتكفل اللاعبون المحليون في الوقت الضائع تضييق الخلاف حول العقد المطروحة لا سيما العقدتين المسيحية والدرزية.
وقد سجل تقدّم أمس، على صعيد العقدة الدرزية، مع ملاقاة رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان ايجابية رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في منتصف الطريق، حيث أعلن أرسلان عن مخرج مقبول لديه لأزمة التمثيل الدرزي في الحكومة، فغرّد قائلاً «في ما خَص ما يسمى بالعقدة الدرزية وكما اعتبر الآخرون بأن مصلحة الوطن تقتضي التضحية من أجل تسهيل تأليف الحكومة العتيدة نحن نقبل أن نسمّي خمسة أسماء لفخامة الرئيس عون… على أن يسمى أحدهم من قبله بالتعاون مع دولة الرئيس نبيه بري الذي نعتبره أيضاً غيوراً على مصلحة الدروز والعيش المشترك وقدسيته في الجبل… والباقي على الله». ما فُسِر على أن أرسلان استبعد نفسه من السباق الوزاري واختيار شخصية أخرى تمثله في الحكومة يوافق عليها الرئيسان ميشال عون ونبيه بري وجنبلاط، وبحسب ما علمت «البناء» فإن الأسماء الخمسة التي تحدّث عنها أرسلان هي درزية ولم تحسم بعد وبالتأكيد لا تتضمّن أي اسم من الحزب الاشتراكي، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميعها من الحزب الديمقراطي بل من المقربين لأرسلان وجنبلاط». لكن مصادر مطلعة في الحزب الديمقراطي أوضحت لـ»البناء» أن «ما تحدث عنه رئيس الحزب هو مبادرة وطنية لتسهيل تأليف الحكومة وليس بضغط من أحد والأمر لا يعتبر إقصاء نفسه من التمثيل بل أرسلان لطالما ردد بأنه لا يحصر تمثيل الديمقراطي به شخصياً فربما هو أو غيره، بحسب ما تُملي الظروف عليه، وهو لاقى إيجابية الآخرين إذ إن البلد لا يحتمل تمترساً في المواقع وتصلباً في المواقف». وقد تضمنت تغريدة أرسلان رسالة ايجابية الى عين التينة، ولفتت مصادر الديمقراطي لـ»البناء» في هذا السياق، الى أن العلاقة بين أرسلان والرئيس بري لم تنقطع كي تعود اليوم بل العلاقة الشخصية والسياسية فهي جيدة وثابتة وقائمة والفتور في العلاقة الذي حصل بين الطرفين محصور في موضوع الانتخابات النيابية. وهذه المرحلة طويت والدليل على ذلك هو انتخاب أرسلان بري في انتخابات رئاسة المجلس»، لكن المصادر تشير الى أن «العلاقة تحتاج الى لقاء مصارحة بين الطرفين لترميم بعض الجسور»، وعن زيارة مرتقبة لأرسلان الى عين التينة، لم تستبعد المصادر ذلك، مضيفة: ستحصل في أي لحظة.
أما عن العلاقة مع جنبلاط، فرأت المصادر بأن رئيس الاشتراكي هو مَن قرّر المواجهة معنا ولا نعرف أسباب ذلك. وهو بادر منذ لحظة الانتخابات الأولى الى إعلان التحالف مع القوات اللبنانية ضدنا فبادرنا الى التحالف مع التيار الوطني الحر، لكن هذا التحالف استفزه، فلماذا يحق له التحالف مع القوات ولا يحق لنا التحالف مع التيار؟
جنبلاط: الورقة الإصلاحية قاعدة للبيان الوزاري
في المقابل كان لافتاً حديث رئيس الاشتراكي المُبكر عن البيان الوزاري بعد تغريدة أرسلان بساعات قليلة، فهل يؤشر ذلك الى أن العقدة الدرزية باتت خلفه، وبالتالي موافقة ضمنية على مبادرة أرسلان؟ فقد قال جنبلاط عبر «تويتر»: «وسط هذا الجدل البيزنطي الدائر حول الوزارة قد تكون الورقة الإصلاحية التي توافق معظم الأحزاب عليها في المجلس الاقتصادي الاجتماعي المدخل للإصلاح وقاعدة للبيان الوزاري عند تشكيل الحكومة الجديدة».
وفي غضون ذلك، رُصِدت زيارتان الى عين التينة غير بعيدتين عن جهود تذليل العقد التي يقوم بها الرئيس بري، الأولى كتلة اللقاء الديمقراطي والثانية للوزير القواتي ملحم رياشي، وقد اعتبر وزير التربية مروان حمادة باسم الوفد رداً على سؤال حول اقتراح أرسلان: «بغض النظر عما يتحدث عنه الوزير ارسلان نحن نعتبر أنه لا توجد عقدة درزية، حتى لو اعتمدنا معايير الوزير جبران باسيل يتبين أنه لا توجد عقدة درزية وأن المقاعد هي للقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي، ولكن مع ذلك أتصور أن مواقف وليد بك لتسهيل تشكيل الحكومة هي معبرّة جداً وذهبت الى أبعد مجال، لذلك لا أحد «يهتّنا» بعقدة درزية، لا توجد عقدة درزية، العقدة معروفة عند مَن، عند مَن يحاول السطو على قرار الحكومة من الآن ولأربع سنوات. وانا اتصور ان كل القوى في لبنان، وليس فقط نحن والرئيس بري، نرفض هذا الشيء». غير أن مصادر الاشتراكي تؤكد بأن «جنبلاط مستعد لتقديم تنازلات في شأن الوزير الدرزي الثالث، لكنه يرفض أن يكون أرسلان أو مَن يختاره لهذا الموقع، ورجحت مصادر «البناء» أن يكون الأسم مقرّباً من الطرفين وغير محسوب على أحدهما بشكل كامل».
بدوره قال رياشي بعد لقائه بري: «أكد لي الرئيس نبيه بري أن احدًا في هذا البلد لا يضع فيتو على أحد»، مضيفاً «ليكن الكلام واضحاً اننا لا نقبل ان يضع احد فيتو علينا، وبدورنا لا نضع فيتو على أحد».
الحريري: إن اعتذرت فلن أقبل التكليف ثانية
أما الرئيس المكلف سعد الحريري فواصل ضغوطه على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، فإضافة الى إلزام نفسه والعهد بمهلة العشرة أيام للتأليف، أكد بأنه إن اعتذر فلن يقبل إعادة تكليفه ثانية، وأضاف في دردشة مع الصحافيين غداة الاجتماع الأسبوعي لكتلة المستقبل: «لماذا أعتذر إن كنتُ سأعود وما حصل في العام 2009 كانت ظروفه مختلفة والمعيار الوحيد الذي التزمه هو حكومة وفاق وطني»، مشيراً الى أنّ «الوضع الاقتصادي يحتم التنازل حتى من التيار الوطني الحر»، معتبراً أنّ «كل العقد على طريق الحل». ولم يخف الحريري بحسب معلومات «البناء» عتبه على وزير الخارجية جبران باسيل بقوله إن «كلامه كان سلبياً ولا أعرف السبب».
ورداً على سؤال عن عقوبات اميركية على إيران تطال حزب الله لفت إلى انّ «لبنان ليس إيران وإيران ليست لبنان». وكان الحريري بحث الملف الحكومي في بيت الوسط مع كل من الرياشي وموفد جنبلاط النائب وائل أبو فاعور بحضور الوزير غطاس خوري.
وجدّدت كتلة المستقبل التأكيد على حسن العلاقة مع رئيس الجمهورية ميشال عون ، والتزام مقتضيات التسوية السياسية الّتي أنهت الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية ، وأطلقت عجلة العمل في المؤسسات الدستورية . ونبّهت لمخاطر الترف السياسي في التعامل مع تأليف الحكومة على الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد، ورفض المحاولات المشبوهة للتصويب على الليرة اللبنانية وحاكمية مصرف لبنان» .
«القوات»
على صعيد القوات اللبنانية، فلم يُسجَّل اي تقدم على صعيد حصة القوات، إذ لم يطلب الحريري من الرياشي الّذي زاره في «بيت الوسط»، أيّ تنازل من القوات بحسب مصادر قناة «ام تي في» المحسوبة على «القوات». وأشار النائب وهبي قاطيشه ، إلى أنّه لم يطرح شيء رسمي بعد علينا، وبالتالي لا رأي لنا حتّى يُبحث الأمر بشكل جدي».
على صعيد آخر، سلّم الوزير باسيل العاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين رسالة من الرئيس عون، تتضمّن دعوة ملك الأردن الى القمة العربية التنموية الاقتصادية التي ستعقد في كانون الثاني المقبل في بيروت. وأعرب باسيل خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره ايمن الصفدي عن أمله في فتح معبر نصيب قريباً «لتعود الحركة التجارية الى زخمها السابق بين لبنان والأردن عبر البلد الجار لهما سورية». وقال «عودة النازحين الى سورية أمر يتم بالتوازي مع الاستقرار على عكس ما يعتقد البعض أن ربط العودة بالحل السياسي وسيلة لتحقيقه».
ورجّح المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ، أن «يتجاوز عدد النازحين السوريين العائدين إلى بلادهم المئة ألف نازح مع نهاية العام الحالي»، مؤكّدًا أنّ «المهمّة الّتي يقوم بها الأمن العام على هذا الصعيد، هي بتكليف وتفويض رسمي من رئيس الجمهورية ميشال عون ».
في مجال آخر، حذّر المؤرخ العسكري الإسرائيلي، أوري بار يوسف، من قدرة حزب الله على إلحاق تدمير هائل بالعمق الاستراتيجي الإسرائيلي، وأكد أن الحزب قادر على «إعادة إسرائيل إلى القرون الوسطى». واعتبر بار يوسف في مقابلة مع القناة العاشرة الإسرائيلية، أن إسرائيل لا تستطيع تجريد حزب الله من قدراته الصاروخية الثقيلة، وعزا ذلك إلى أن «حزب الله تعلَّم من حرب عام 2006 كيف يحافظ على قدراته الصاروخية».