خبر

البرلمان يعزز إمكانية التغيير

فؤاد مخزومي

لفت النائب فؤاد مخزومي إلى أن توجهاته وعمله الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لم يختلف كثيراً بعد نجاحه في الانتخابات النيابية، ولكن ما اختلف هو أنه أصبح على اطلاع أكثر بكل المعلومات، خصوصاً من خلال تواجده في اللجان النيابية، حيث يشهد على طريقة إدارة وتمرير الملفات، وبالتالي بات بإمكانه تقييم الأمور بطريقة موضوعية، الأمر الذي يمكنه من اتخاذ المواقف المناسبة. ولفت إلى أن ما كان يحصل في الماضي هو أننا كنا نتلقى المعلومات عبر الإعلام وشاشات التلفزة من دون معرفة كيفية معالجتها وإدارتها داخل اللجان والمجلس النيابي. وأكد أن الموقع داخل المجلس النيابي مهم جداً لأن البرلمان أساس التشريع ويعزز إمكانية التغيير.
كلام مخزومي جاء خلال مقابلة أجراها عبر موقع جريدة “النهار” مع الصحفي محمد نمر، أكد خلالها أنه من الضروري دعم جريدة “النهار” لأنها فخر لبلدنا. وأشار إلى أن نموذج النجاح الذي ترجمه في العمل الاجتماعي والخدماتي، سيسعى اليوم إلى تطبيقه فعلياً داخل المجلس النيابي، من خلال التركيز على مبدا الشفافية، لافتاً إلى أنه نجح على الصعيد الاستثماري والاقتصادي في 50 بلد حول العالم ولا بدّ أن ينقل هذا النجاح إلى الداخل من خلال المشاركة في معالجة الملفات العالقة بالطريقة الفعالة التي تؤمن نتيجة مضمونة.
وأشار مخزومي إلى أن كلمة الفساد هي كلمة كبيرة، منتقداً تصريحات جميع السياسيين الذين يطالبون وينادون بمحاربة الفساد، بالرغم من أن معظمهم ساهم في إرسائه من خلال مراكمة الدين العام. ولفت إلى أن مشاركته في اللجان النيابية المشتركة جعلته على اطلاع مباشر بكيفية تمرير الملفات والمشاريع وطرق إدارتها، مستغرباً ضخامة المبالغ التي تصرف على مشاريع من الممكن أن تنفذ بأقل من التكاليف التي تخصص لها. وانتقد عدم وجود فنيين وتقنيين داخل اللجان لمحاولة معالجة الملفات بطريقة مهنية، آخذاً على السياسيين كيفية إدارتهم لملف المطار وتخصيص ملايين الدولارات على ملف لا يستأهل كل هذه الأموال.
ولفت إلى أنه من الضروري أن يتخذ القرار في ما يتعلق بأي من الملفات الأساسية في البلد بدءاً من الكهرباء والمياه مروراً بالمطار وصولاً إلى النفايات، بعيداً من المصالح الشخصية والمحاصصات التي تتم داخل اللجان.
وعن التشريع، لفت مخزومي إلى أنه عملاً بمبدأ فصل السلطات، لا يمكن منع المجلس النيابي من أن يلتئم ويناقش ويحضر لمشاريع قوانين، لافتاً إلى أن الحكومات الماضية حولت إلى المجلس حوالى 39 مشروع قانون يتعلقون بالخصخصة والشفافية والنفط والغاز والوساطة القانونية ومؤتمر سيدر، معتبراً أنه من غير الممكن تعليق كل هذه الملفات الملحة لحين تشكيل الحكومة، خصوصاً وأن الرئيس المكلف سعد الحريري يعوّل على مؤتمر سيدر بعد ولادة التشكيلة الحكومية. لذا من الضروري طمأنة الدول المانحة من خلال سن القوانين التي تظهر لبنان بصورة جديدة أمام المجتمع الدولي الذي أخذ على عاتقه مساعدة هذا البلد. واعتبر أنه من واجب النواب كمشرعين أن يحضروا الأجواء المناسبة إلى حين ولادة الحكومة.
ولفت مخزومي إلى أن رئيس المجلس النيابي دعا إلى جلسة تشريعية قبل نهاية شهر أيلول، فيما لم تمانع كل من الرئاستين الأولى والثالثة عقدها، مستبعداً وجود مشاكل في هذا الإطار، خصوصاً بعد المعلومات التي أكدت أن رؤساء الحكومات السابقين تمام سلام ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة اجتمعوا وطرحوا إشكالية التشريع في غياب الحكومة. ولفت إلى أن الضعف في الدستور هو السبب الكامن وراء المعادلة الحاصلة مؤخراً، متسائلاً: ماذا إذا تأخر تشكيل الحكومة لمدة سنة هل تتوقف معالجة الملفات والمشاريع في البلد؟
ولفت إلى أن المواطن اللبناني ضاق ذرعاً مما يحصل، إذ إنه بعد 4 أشهر من الانتخابات لا يزال المجلس النيابي غير قادر فعلياً على الاجتماع والتشريع، سوى ما تحاول اللجان مناقشته والبحث فيه، داعياً إلى ضرورة فصل السلطات التشريعية والتنفيذية. وأكد أن المذهبية والطائفية المرسخة في البلد هي السبب الأساس في الخلاف الحاصل على التشريع.
واعتبر مخزومي أن المواطنين اللبنانيين انتخبوا النواب، آملين منهم أن يجتهدوا ويغيروا المعادلات القائمة، ولكننا اليوم في موقع لا نحسد عليه، إذ بعد كل الوعود التي قطعناها بأن نعمل على إنجاز مشاريع حياتية تحسن من الوضع المعيشي للمواطن برزت الحساسية السنية – الشيعية، إذ إن هنالك اجتهادين دستوريين في ما يخص التشريع. ولسوء الحظ لا يمكننا اللجوء في ظل هذا الخلاف إلى المجلس الدستوي لحسم الجدل الحاصل واتخاذ القرار النهائي وذلك بسب السياسة الطائفية والمذهبية. وتوقع مخزومي أن تنعقد الجلسة التشريعية فيما اعتبر أنها لن تكون منتجة بما يكفي بسبب الطائفية والمذهبية.
وتوقع مخزومي أن لا تتشكل الحكومة بالسرعة التي يتطلبها الوضع الداخلي في لبنان، لافتاً إلى أنه على الصعيد الشخصي كان موقفه واضحاَ وصريحاً عندما أعطى التفويض والثقة للرئيس سعد الحريري الذي حصل على 111 صوتاً لتكليفه تشكيل الحكومة. ولفت إلى أنه بغض النظر عما حصل خلال الانتخابات النيابية والمعركة الشرسة التي شنت ضده، لكنه اليوم يتطلع إلى ما يمكن تحقيقه من أجل إنماء البلد، مشيراً إلى أنه عندما اجتمع بالحريري أبلغه أن مصلحتهما واحدة هي تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي لبيروت. وتحدث معه عن العقد التي أبرمه مع أهل بيروت ضمن برنامجه الانتخابي، داعياً إياه لتبني مضامين العقد، لا سيما أنه يركز على المشاكل التي برزت مؤخراً إلى الواجهة كالكهرباء والنفايات والمستشفيات والتعليم والمساحات الخضراء والأمن وقضية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأسعار الدواء وتلوث الشاطئ والتعديات على الأملاك البحرية. وقال: الحريري تبنى معظم هذه المطالب في خطابه الأخير، مشيراً إلى أنهما اتفقا على التقارب ومدّ اليد في ما يخص معالجة مشاكل بيروت بعد صدور البيان الوزاري.
ولفت مخزومي إلى أنه فتح استثماراته في عكار في وقت لم يفكر فيها أحد من السياسيين ورجال الأعمال، كما أن مؤسسة مخزومي منتشرة في كافة المحافظات اللبنانية وجاهزة للمشاركة في التنمية والمساعدات الاجتماعية على الدوام، ولكن المتضرر الأكبر من الاتفاق السياسي الذي يسيطر على البلد هم أهل بيروت، لذا فإن تحسين وضع مدينة بيروت على كافة الصعد يقع في سلم أولوياته، خصوصاً بعدما نزح أهل بيروت منها فلم يبق سوى 8% فقط داخل المدينة.
واستبعد مخزومي إمكانية تشكيل الحكومة في المدى القريب، خصوصاً بعدما ظهرت عقبتين داخليتين إضافيتين، تمثلت الأولى بطرح رئيس الجمهورية ميشال عون اسم الوزير جبران باسيل مرشحاً للرئاسة الأولى، الأمر الذي فتح باكراً معركة رئاسة الجمهورية. لذا يحاول كل طرف سياسي اليوم تعطيل تشكيل الحكومة ريثما يحصل على الثلث المعطل لكي يغلق الباب أمام أي طرف آخر بأن يحدد مصير الانتخابات الرئاسية. إذن يمكن التأكيد على أن الموضوع لم يعد يرتبط فقط بتشكيل الحكومة إنما تعداها إلى ترسيخ الشخصية التي ستتولى صلاحيات الرئاسة في حال حصل طارئ للرئيس عون لا سمح الله أو انتهت مدة ولايته بعد 6 سنوات. أما العقبة الثانية فهي تتمثل بملف المحكمة الدولية، بعدما انطلقت جلسات المرافعات الختامية وصولاً إلى إصدار الحكم المتوقع العام المقبل. ولفت إلى أن الحكومة دونها أيضاً عراقيل خارجية، خصوصاً بعد المعركة في إدلب، مشيراً إلى أن آخر معقل للمعارضة السورية متواجد في هذه المدينة، ومتسائلاً هل سيُسمح بتنظيف المنطقة وإعادتها لسيطرة النظام السوري أم أن الأمور ستبقى معلقة، الأمر الذي سينعكس بالتأكيد على الداخل اللبناني.
وعن الوضع الاقتصادي اللبناني، لفت مخزومي إلى أن حاكم مصرف لبنان نفذ في العام 2016 ما يسمى بعمليات الهندسة المالية التي هدفت إلى جذب المزيد من الودائع بالدولار وتعزيز موجودات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية وامتصاص السيولة المتراكمة بالليرة لدى المصارف ومنع تحويلها إلى المضاربة ودعم ربحيتها ورساميلها. لكن هذه العمليات رتبت أكلافاً باهظة قدّرت بنحو 15 مليار دولار على 10 سنوات. وأشار إلى أن ما قام به سلامة هو أنه استقطب الدولار لكن بكلفة عالية كلفت المواطن اللبناني فؤائد مرتفعة، الأمر الذي تسبب بعجز متنام في الموازنات العامة وتراكم الديون على الخزينة، في وقت أفادت هذه السياسة كل من أقرض الخزينة أو أودع بالليرة في المصارف، أي أصحاب الرساميل التي تضاعفت تلقائياً بفعل احتساب تراكمي للفوائد.
وأضاف: دخل قطاع المصارف اليوم في مرحلة الخطر، مؤكداً أن النموذج التي اعتمده لبنان من العام 1993 إلى اليوم أصبح هشاً ومفلساً، داعياً إلى ضرورة العمل الجدي لإعادة إصلاح البنية الاقتصادية، واعتماد سياسية تنموية اقتصادية من شأنها تحريك السوق اللبناني، ورافضاً اللجوء مرة جديدة إلى تطبيق اتفاق التبادل SWAP لأنه سينعكس سلباً على الاقتصاد بسبب الزيادة المتراكمة للفوائد، خصوصاً في ظل رفع المصارف أسعار فوائدها إلى 15%، مقابل إيداع المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال مبالغ مالية بالدولار تحولها المصارف إلى الليرة. ولفت مخزومي إلى العجز الحاصل في الميزان التجاري وتقلص حجم التحويلات المالية إلى البلد، الأمر الذي يعني هوة كبيرة بين المداخيل والمصاريف بالنسبة للدولار، مشدداً على أن هذا الحال هو نتيجة عدم تنفيذ دورة اقتصادية في البلد.
وأشار مخزومي إلى أنه تمّ طرح ملف سلسلة الرتب والرواتب في العام 2013 بناءً على حتمية إجراء الانتخابات النيابية في العام 2014، ولكن بعد تمديد المجلس النيابي لنفسه تأجل البحث بهذا الملف. وأضاف: عندما اتجهوا إلى إقرارها قيل أن كلفتها 800 مليون دولار في حين أن كلفتها الفعلية تبلغ 1.4 مليار دولار. وتابع: ما حصل فعلياً هو أنه مقابل رفع الرواتب والأجور لحوالى 300 ألف موظف، ارتفعت أيضاً الأسعار في السوق اللبنانية، مشيراً إلى أن نسبة غلاء المعيشة وصلت إلى حدود الـ18%. ولفت إلى أنه لم يتم التعاطي مع السلسلة الرتب والرواتب بمسؤولية، فكان الاتجاه في ذلك الوقت هو لإرضاء الموظفين والمياومين ورفع أجورهم قبل الانتخابات، مقابل صرف الكثير منهم بعد مؤتمر “سيدر” الذي يحتم على الحكومة ترشيد الإنفاق والتخفيف من تكاليف ونفقات الدولة.
ولفت إلى أن الحكومة لا تزال حتى اليوم غير محيطة بكلفة سلسلة الرتب والرواتب، الأمر الذي يعني صعوبة تحقيق النمو، فالأرقام التي يترتب على الحكومة تسديدها إن كان في ملف السلسلة أم الكهرباء أم الدين العام مرتفعة جداً. وأكد أنه في حال استمر التعاطي مع هذه الملفات بالطريقة التي تجري مؤخراً فلن يثق بنا المجتمع الدولي ولن تساعدنا أي من الدول المانحة.
وعما يتم تداوله عن أن مخزومي يحاول استهداف موقع رئاسة الحكومة، لفت إلى أنه بالرغم من المعركة الشرسة التي تعرض لها خلال الانتخابات النيابية وبالرغم من التلاعب في نتائج الانتخابات، إلا أنه نسي كل ما جرى وأعلن إعطاء الرئيس سعد الحريري الثقة وتسميته لتكليفه تشكيل الحكومة لأن مصلحة البلد ومصلحة بيروت تقتضي تجاوز كل الخلافات والتعاون لمعالجة المشاكل التي يعاني منها لبنان على كافة الصعد. وأكد أنه يدعم الحريري منذ لحظة تكليفه، مشيراً إلى أنه سبق ودعاه إلى إنجاز تشكيلته الحكومية بحسب صلاحياته كاملة في اختيار التشكيلة التي يراها تتناسب مع تطلعاته وكي يكون واضحاً أمام الجميع من يحاول عرقلة التشكيل، ومشدداً على أنه يقف إلى جانب الحريري في كل الخطوات التي يقوم بها.
ولفت مخزومي إلى أن عقد التشكيل لا تقتصر فقط على كونها عقد مسيحية ودرزية إنما أيضاً لا يمكن التغافل عن العقدة السنية، إذ إن هنالك اليوم 27 نائباً سنياً في المجلس النيابي، وتضم “كتلة المستقبل” 17 نائباً، في وقت هنالك 10 نواب من خارج عباءة الحريري وهم ينقسمون ما بين 4 مستقلين و6 أطلقوا على تجمعهم تسمية المعارضة، وهي التسمية التي اعتبرها غير مناسبة، لافتاً إلى أنها تعني أننا صرفنا النظر عن مستوى التمثيل النيابي وركزنا فقط على مستوى الطائفة والمذهب، كما أنها تعني أنهم معارضة ضد السنة والمسيحيين والشيعة. وأضاف: إذا كنا نريد تطبيق معادلة أن يكون هنالك وزير لكل 4 نواب فمن الطبيعي أن يمثل النواب الـ10 بنائبين على أقل تقدير.
ولفت مخزومي إلى أن المواطنين اللبنانيين أعطوا الثقة للنواب لتمثيلهم داخل المجلس النيابي ولمباشرة العمل فعلياً من أجل تغيير المعادلات القائمة وتحسين مستوى المعيشة وفرض الشفافية ومحاربة الفساد، ولكن ما حصل فعلياً هو التأخير في تشكيل الحكومة لمدة 4 أشهر. ثم ما لبث أن ظهرت ثغرة دستورية حول حق المجلس النيابي بالتشريع في ظل حكومة تصريف أعمال، الأمر الذي يحتم على الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الاستعجال في إنجاز التشكيلة. وأضاف: بالرغم من أن الدستور يضمن للرئيس المكلف حق تشكيل الحكومة من دون اللجوء إلى المشاورات، إلا أن إمضاء رئيس الجمهورية يقف عائقاً أمام ولادتها في حال لم تنل رضاه. وللخروج من المأزق، اقترح مخزومي على الحريري إنجاز تشكيلته وعرضها على العلن أمام جميع الناس كما وعرض بيانه الوزاري وخطة عمله المقبلة، على عكس ما حصل مؤخراً عندما وضع الحريري تشكيلته في عهدة الرئيس ميشال عون بانتظار الموقف النهائي منها.
وعن أزمة الصلاحيات الحاصلة بين رئاستي الجمهورية والحكومة، أكد مخزومي أنه منذ العام 2016 عندما حصلت التسوية الرئاسية، أصبح هنالك ما يسمى ربط نزاع بين الطرفين وباللغة المحكية “مَوْنة”، ولكن موقع رئاسة الجمهورية أعطي زخماً أكبر نظراً لتحالف الرئيس عون مع حزب الله وهو الحليف القوي وفي الوقت عينه تحالفه مع “تيار المستقبل” الذي ساعد على انتخابه، الأمر الذي جعل كل الملفات تصب عند رئيس الجمهورية، فجدول الأعمال أصبح يصاغ في بعبدا، إضافة إلى مناقشة وتمرير ملفات عديدة هناك. ولفت مخزومي إلى أنه من الضروري إعادة النظر بنص اتفاق الطائف الذي لم يعد يطبق فعلياً بعد العام 2005 وهو تاريخ استشهاد الرئيس رفيق الحريري الذي لم يكن يسمح لأحد أن يمس بصلاحيات رئاسة الحكومة. وشدد مخزومي على ضرورة تطبيق اتفاق الطائف وعدم المس بموقع رئاسة مجلس الوزارء، لكن ذلك لا يلغي استمرار الحوار بين الرئاستين، خصوصاً على صعيد تشكيل الحكومة.
ولفت مخزومي إلى أن لا داعي لإعطاء حصة وزارية لرئيس الجمهورية طالما أنه ممثل عبر وزراء “التيار الوطني الحر”، معتبراً أن هذه الآلية اعتمدت فقط في عهد الرئيس ميشال سليمان لدواع انتخابية خلال اتفاق الدوحة، إذ منحت حصة وزارية لسليمان وقتها لكي يكون له دور في الانتخابات.
وعن تموضع مخزومي، أكد أنه مستقل ولا ينتمي لأي من فريقي 8 أو 14 آذار لأنه غير مقتنع بكليهما، لافتاً إلى أنه لبناني، وأي طرف يعلن عن لبنانيته ونيته العمل لمصلحة هذا البلد فسيتعاون معه مباشرة بغض النظر عن انتماءاته السياسية، داعياً إلى الترفع عن المشاكل الإقليمية والدولية التي تحيط بنا والنظر إلى الداخل اللبناني، ومشدداً على ضرورة عودة القرار الداخلي أولاً من دون انتظار الإملاءات الخارجية التي تجعل من لبنان ساحة من ساحات المعارك الإقليمية.
وأكد مخزومي أنه يرفض منطق السلاح، مستشهداً بما قاله الرئيس سعد الحريري بعد خروجه من المحكمة الدولية، حيث شدد على أنه يريد معرفة الحقيقة ولكن في الوقت عينه يهمه الحفاظ على لبنان ومصلحة اللبنانيين واستقرارهم. وشدد على ضرورة عدم الرجوع إلى الماضي وتحديداً إلى العام 2005، حيث انقسم اللبنانيون إلى فريقين يمارسون كافة السبل المذهبية والطائفية ويؤرقون عيشهم ويفسدون بلدهم، مؤكداً أنه بهدف بناء وطن سليم معافى يؤمن مستقبلاً مضموناً لأولادنا علينا الخروج بشكل نهائي من منظومة 8 و14 آذار.
ولفت مخزومي إلى أن الأهم اليوم لبناء هذا الوطن هو إيجاد الآليات التي من شأنها محاربة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، لافتاً إلى أنه لم يرَ لغاية اليوم سوى الشعارات والخطابات لكن ما يلزمنا هو التطبيق الفعلي للقوانين وإلغاء مبدأ المحاصصات وتقاسم المغانم بالدرجة الأولى.
وعن ملف التطبيع مع النظام السوري، لفت مخزومي إلى أن تعبير التطبيع هو تعبير خاطئ، مؤكداً أن هنالك خلل في التعاطي مع ملف العلاقات اللبنانية – السورية يصل إلى حدّ الإنفصام، لافتاً إلى أن تبادل البلدين للسفراء ووجود مجلس أعلى، من المرجح أن يتم تغيير رئيسه، يحتم وجود علاقات ديبلوماسية بينهما لكنهما لا يتعاملان على أساسها. وانتقد تدخل كل الأطراف اللبنانية في المعارك التي كانت تدور في سوريا بالرغم من اعتماد سياسة النأي بالنفس. كما انتقد الانتقائية التي تعتمدها بعض القوى السياسية في التعامل مع السلطات السورية، بالرغم من أن العديد من النواب والوزراء يزورون سوريا بصفة رسمية.
وأشار إلى أنه لا يمكن الاستمرار بمناقشة ملف العلاقة اللبنانية – السورية فقط على طاولة الحوار التي تضم أطراف غير منتخبين، لافتاً إلى أن هذا الأمر حصل فقط في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان الذي استحدث ما يسمى بطاولة الحوار البعيدة من المؤسسات الدستورية عندما تم التمديد للمجلس النيابي. أما اليوم فقد عاد القرار في مختلف الملفات إلى المجلس النيابي المنتخب الذي يمثل فعلياً معظم الشرائح اللبنانية، معتبراً أنه من الضروري أن يطرح هذا الملف حصراً داخل المجلس ويعرض للتصويت.
وعن قضية شهداء طرابلس الذين قتلوا على يد جهات تنتمي إلى النظام السوري والمتفجرات التي دخلت إلى لبنان بأمر من سوريا، لفت مخزومي إلى أننا من غير الممكن أن ننسى كل هذه المآسي، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نستمر باعتماد سياستين والنظر إلى الأمور من منظارين، مشيراً إلى ضرورة أخذ القرار الحاسم فإما أن نسحب السفير اللبناني من سوريا لأن أي اعتداء من قبل بلد معين على سيادة بلد آخر يحتم قطع العلاقات بينهما، أو التأكيد على بقاء العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، خصوصاً بعدما وافقت الحكومة اللبنانية على تعيين سفير لبناني في سوريا. ولفت مخزومي إلى أن السؤال في هذا الإطار يجب أن يوجه لرئيس الحكومة الذي منح الثقة من قبل المجلس النيابي وأصدر القرار بتعيين سفير لبنان في سوريا.
وعن ملف المحكمة الدولية، لفت مخزومي إلى أن غالبية اللبنانيين يريدون معرفة الحقيقة منعاً من تكرار هذه الحادثة الأليمة في المستقبل، معتبراً أن موقف الرئيس الحريري واضح وصريح لجهة ضرورة جلاء الحقيقة لاتخاذ القرار المناسب على ضوئها، ولكن في الوقت نفسه نريد كلبنانيين أن نخرج من مفهوم الثأر ونعمل من أجل بناء الدولة. ولفت إلى أن كلام الحريري بعد انتهاء وقائع المحكمة ينم عن أنه رجل دولة يتكلم بكل واقعية.
ورداً على سؤال حول المشاكل التي تعاني منها بيروت، أكد مخزومي أن اللائحة تطول، وعلى رأس الأزمات أزمة النفايات التي كانت موضوع المؤتمر الذي نظمه حزب الحوار الوطني ودعا إليه بلدية بيروت ورئيسها جمال عيتاني، ومهندسون وخبراء بيئيون وممثلو جمعيات بيئية وفعاليات بيروتية وناشطون من المجتمع المدني وإعلاميين. ولكن لسوء الحظ تحولت حلقت النقاش التي تناولت مصير أزمة النفايات في بيروت إلى نزاعات شخصية بين عيتاني وناشطين غير مقتنعين بطرح البلدية. وأضاف: حضرت المؤتمر بصفتي نائب عن بيروت، وودت أن أسمع آراء جميع الأطراف لكي أستطيع اتخاذ الموقف المناسب عند طرح الملف داخل المجلس النيابي.
ولفت إلى أن كل الحلول المطروحة من كافة الجهات غير كافية، فمثلاً طرح المحارق هو طرح جيد ولكن تنقصه المواصفات الفنية الدقيقة والإشراف من قبل هيئة رقابية. كما أن المحارق يجب أن ترافقها المطامر، وهذه الأخيرة غير متاحة في بيروت. وما يحصل فعلياً هو الطمر في البحر، الأمر الذي يتسبب بتلوث كارثي. وأشار إلى أنه من غير المجدي الكلام الذي يقال عن أن كل مدينة مسؤولة عن نفاياتها، فهذا الملف يعتبر أزمة على مستوى البلد ومن الضروري فرض التنسيق بين كل بلديات لبنان لحلّ هذه المعضلة. واقترح الاستفادة من الجبال التي شوهتها الكسارات، والاستعانة بمتخصصين يقومون بتغليفها بطريقة عازلة وينشئون فيها المطامر، لافتاً إلى أن هذه الأماكن من الممكن أن تتحوّل في ما بعد إلى محميات.
وتحدث مخزومي عن مشكلة السكن في العاصمة بعدما نزح أهل بيروت منها فلم يبق سوى 8% فقط، معتبراً أنه من غير الممكن إعادتهم إلى المدينة بسبب ضيق المساحة ولكن الخطوة الأهم في هذا الإطار هي أن نحاول إيجاد مكان للجيل الجديد في بيروت. فمثلاً بإمكاننا الاستفادة من المساحة الموجودة في منطقة المدور وإقامة مساكن شعبية لائقة تباع وتؤجر لأبناء العاصمة بأسعار وبأقساط معقولة.
ومن ضمن المشاكل التي تعاني منها بيروت، لفت مخزومي إلى وجود مشكلة النقل السريع، فمن يسكن خارج المدينة يعاني على الطرقات بالساعات لكي يصل إلى عمله في بيروت، وهذا الأمر سببه عدم تطبيق نظام اللامركزية الإدارية. والحلّ في ظل عدم وجود الطرقات والازدحام السكني هو استحداث الجسور.
ولفت إلى أن حزب الحوار الوطني ممثل في بلدية بيروت عبر السيدة هدى الأسطه قصقص ولكن العلاقة مع البلدية ليست مرحة بمعنى أنه قد لا يكون دخولنا “لائحة البيارتة” هو أفضل قرار اتخذناه في الانتخابات البلدية في العام 2016، لأننا عندما أخذنا القرار بالمشاركة في البلدية كان الاتفاق أن لا يكون هنالك توجيه للعمل البلدي وفقاً لمصالح شخصية، ولكن ما حصل فعلياً هو الفوضى. وأضاف: ممثلتنا في البلدية دخلت على أساس أن تكون مسؤولة عن مكننة البلدية نظراً لخبرتها في هذا المجال. وبعد مرور سنتين لم نر أي نية في دعم هذا المشروع الذي يخفف الفساد بنسبة 70% ويحل الكثير من مشاكل المواطن. وهي في اجتماعات البلدية، توافق على ما نقتنع به وتعارض المشاريع التي لا نقتنع بها.
وأسف مخزومي لغياب الثقافة والهوية الأصيلة عن مدينة بيروت، لافتاً إلى أن بيروت هي عاصمة لبنان وهي ليست مشروعاً عقارياً، ومعتبراً أن البيارتة تنازلوا عن هوية بيروت وفتحوا المجال أمام أن كان أن يتملك في مدينتهم. ولفت إلى أن بعض السياسيين أعلنوا خلال الانتخابات أن العاصمة لجميع اللبنانيين وليس فقط لأهلها، لكنه اعترض على هذا الكلام، مشدداً على ضرورة استرجاع بيروت، ومؤكداً أنه ليس ضد أي طرف لكن همه الأول هو الحفاظ على هوية مدينته.
وعن غياب الحضور الطاغي لحزب الحوار الوطني واقتصار الأمر على شخصية النائب فؤاد مخزومي، لفت إلى أنه عندما طرح تأسيس حزب الحوار الوطني وهو حزب حواري مبني على مشروع اقتصادي، قوبل بالتعتيم لأن من كان طاغياً في حينذاك هو فريقي 8 و14 آذار، أما اليوم فنجاح حوالى 79 شخصاً جديداً ذو خلفية اقتصادية ودخولهم إلى المجلس النيابي كرس مبدأ أن الاقتصاد هو الأساس الذي تبنى عليه الأوطان. وقال: نحن في حزب الحوار الوطني نملك منذ البداية مشروعاً اقتصادياً متكاملاً وبرنامجاً تنموياً فعالاً وقد باشرنا بعرض طروحاتنا وأفكارنا من خلال مؤتمر النفايات الذي نظمناه مؤخراً وسيتبعه العديد من المؤتمرات، لافتاً إلى أن الاستمرار في اتباع النهج نفسه أكد للجميع أننا لا ننتمي إلى أي طرف سياسي مبني على أساس مذهبي أو طائفي، وأوصلنا إلى تبوؤ منصب نيابي. ونحن اليوم نملك إضافة إلى المشروع الاقتصادي مشروع سياسي قوامه الشفافية ومحاربة الفساد.