خبر

لقاء الحريري ـــ باسيل: دخان أبيض أم أسود؟

صحيفة الأخبار

 

أما وقد انقضت مئة يوم ولم تتألف الحكومة التي لطالما ردّد رئيس الجمهورية ميشال عون أنها ستكون «حكومة العهد الأولى»، فإن عامل الوقت بدأ يضغط على الجميع

هبّةٌ باردة وهبّةٌ ساخنة في ملف التأليف الحكومي. من المرجح أن يلتقي الرئيس المكلف سعد الحريري اليوم وزير الخارجية جبران باسيل قبل أن يطلب موعدا لزيارة رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا. هذان اللقاءان كانا متوقعين، بالأمس، ما أن تبلغت دوائر القصر الجمهوري، أن الحريري قد عاد من رحلته الخاصة إلى مصر، لكن الحريري فضّل إجراء إتصالات بعيدة عن الأضواء، قبيل بدء العد العكسي لتقديم أول مسودة حكومية لرئيس الجمهورية.

وعلمت «الأخبار» أن الحريري أبلغ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بوضوح، أنه لم يعد قادراً على الانتظار أكثر لتأليف حكومته العتيدة. كما أبلغه، بوضوح أيضاً، أن لا نائب رئيس حكومة ولا حقيبة سيادية للقوات في الحكومة المقبلة.
وفي المعلومات ان الحريري يعمل، بجهد أكبر، لحلحلة «العقد الثلاث» التي تعترض تأليف الحكومة: العقدة القواتية، العقدة الدرزية و«عقدة تمثيل سنّة 8 آذار». وقالت مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية إن العقدة الأخيرة «جدّية».

«العامل الوحيد الذي يمكن أن يطرأ على الوضع الحكومي هو اللقاء المرتقب بين الحريري وعون»، على حدّ تعبير رئيس مجلس النواب، الذي نقل عنه زواره، أمس، أن هذا اللقاء «من المفترض ولا يجوز أن يتأخر، لأن أوضاع البلاد لا تحتمل، لا سيما الوضع النقدي والمالي»، معتبراً أن أي خضة من هذا النوع «لا يمكن للبلد أن يتحملها، فنحن لسنا إيران ولا تركيا». وفي ما يتعلق بالدور الذي قام به على خط الحريري ــــ جعجع، أشار بري إلى تخلي القوات اللبنانية عن المطالبة بوزارة سيادية أو بمركز نائب رئيس الحكومة، غير أن مطلبها بات مُحدداً بالحصول على حقائب أساسية وازنة «وقد أصبح هذا المطلب بعهدة الحريري، وعليه أن يبحث في كيفية إقناع الآخرين به». وقال بري «إذا نجحنا في تذليل عقدة القوات، تبقى أمامنا العقدة الدرزية، وسوف نجد لها حلاً».
ووفق أوساط سياسية واسعة الإطلاع، فإن جعجع قدم ما اعتبره «التنازل الأخير» الذي «لا تنازل من بعده تحت أي ظرف من الظروف»، وتقول إن بري والرئيس المكلف تمكّنا من إقناع جعجع بالتخلي عن الحقيبة السيادية وموقع نائب رئيس الحكومة، بضمانة حصوله على أربع حقائب. وتضيف: «هناك ثلاث وزارات دولة عند المسيحيين يجب أن تكون في هذه الحالة من نصيب رئيس الجمهورية أو التيار الوطني الحر، إلا إذا وافق الرئيس المكلف على تقديم تنازل بقبول واحدة من هذه الوزارات الثلاث (أي تكون من نصيب الوزير المسيحي (غطاس خوري) المحسوب على الحريري)، ولا سيما أن تيار المردة مرشح لنيل وزارة الأشغال العامة والنقل، فيكون توزع المقاعد المسيحية كالآتي: 9 لرئيس الجمهورية و«التيار»، أربع حقائب لـ«القوات»، واحدة لـ«المردة»، والأخيرة من حصة الحريري.
في المقابل، قالت مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية إن حصول القوات اللبنانية على أربع حقائب «لا يعني أن الحقائب الأربع ستكون أساسية، بل ستكون بينها حكماً حقيبة دولة… وأي كلام آخر لا يلزم أحداً». وأكدت أن الحريري يعرف تماماً أن التيار الوطني الحر لن يتنازل عن أي حقيبة من حصته، «وهو لا يزال على موقفه بأن الحريري يمكنه أن يعطي جعجع أي وزارة يشاء من كيسه لا من كيس غيره، ولا نقاش في ذلك».

في السياق الحكومي، أطلق نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أول إشارة مبطنة رافضة لنيل أيّ مكوّن من مكوّنات الحكومة الثلث المعطل بعنوان رئاسة الجمهورية المقبلة. وقال في خطاب له في النبطية، أول من أمس، إنه «إذا كان البعض يظن أن ربط تأخير تشكيل الحكومة بالخارج أو بأزمات الخارج يؤدي إلى حل، نقول له لا، إنما ذلك يؤدي إلى مزيد من التعطيل. وإذا كان البعض يربط تشكيل الحكومة برئاسة الجمهورية، ويعتقد أن موقعه في داخل الحكومة يهيّئ له أن يكون رئيساً للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي فهو واهم»، مؤكدا أن رئاسة الجمهورية «لم تكن يوماً في لبنان مرتبطة بتشكيل الحكومة، فقبل انتخاب رئيس الجمهورية كانت دائماً تحصل تداخلات محلية وإقليمية ودولية، وأحياناً يكون الحل غير متوقع قبل خمسة أشهر من موعدها. وبالتالي، رئاسة الجمهورية لها مسار آخر عندما يحين وقتها، فلا تضيّعوا الوقت على أحلام لا يمكن أن تتحقق من خلال الحكومة». وشدد على أن الحكومة هي ضرورة ملحّة في هذه المرحلة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، «وقد ضاق الوقت، ويجب أن ننتهي وننجزها لمصلحة الناس».
من جهته، ردّ رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان على الصيغ المتداولة، ومن ضمنها تسمية وزير درزي يكون مقبولاً من النائب السابق وليد جنبلاط ومن العهد، فقال عبر «تويتر» إن كل من يحاول طرح ما يسمى أسماءً وسطية في التمثيل الدرزي «هو حصان طروادة للعهد وتوجهاته، ولن نقبل بها، لا في الشكل ولا في المضمون، كما هو تآمر على التوجهات الاستراتيجية للدروز في خضم التآمر على المنطقة بأسرها». وأضاف: «هذا أمر محسوم ولن نناقش به أحد، مع العلم أنه لم يطرح علينا في شكل رسمي. فتحسّباً مسبقاً له، علينا أن ننبّه منه للإيضاح فقط لا غير».
وكانت راجت في الأيام الأخيرة معلومات مفادها أن جنبلاط رسم معادلة نهائية للمقعد الدرزي الثالث في الحكومة الثلاثينية، قوامها رفض توزير طلال أرسلان تحت طائلة عدم الدخول إلى الحكومة الجديدة، إذا أصرّ البعض على التوزير، في المقابل، يبدي استعداده للتفاهم على شخصية درزية متفاهم عليها بينه وبين رئيس الجمهورية.