عماد مرمل – الجمهورية
يتحرّك رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في هذه الأيّام على مسارات عدّة، فهو يتابع من جهة ملفّ تشكيل الحكومة، ويسعى إلى المساهمة في تفكيك ألغامه، ويستعدّ من جهة أخرى للمشاركة في المهرجان الحاشد الذي تنظّمه حركة «أمل» في 31 آب في بعلبك، لمناسبة ذكرى إخفاء الإمام السيّد موسى الصدر ورفيقيه، حيث سيُلقي خطاباً مهمّاً وشاملاً، ويُشرف في الوقت نفسه على التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر العام لحركة «أمل» في أيلول، والذي يُتوقّع أن يشكّل محطّة مفصليّة في مسار الحركة.
إلاّ انّ الاولوية بالنسبة الى برّي تبقى في اللحظة الراهنة للوضع الحكومي المستعصي حتى الآن على المعالجة، خصوصاً انّ استمرار العجز عن تأليف الحكومة يترك تداعيات سلبية على الواقع الاقتصادي المترهّل، وعلى عمل مجلس النواب الجديد الذي يحاول برّي في «الوقت الضائع» ان يبقيه في «الفورمة» التشريعية، داعياً اللجان النيابية المشتركة الى الاجتماع قبل ظهر الخميس المقبل.
وبرّي المتخصّص في فهم «العقل الجنبلاطي» ومحاكاته، التقى أمس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حضور نجله النائب تيمور وغازي العريضي والوزير علي حسن خليل، وتركّز البحث على أسباب التعثّر المتمادي في تأليف الحكومة والسبل المفترضة للخروج من نفق العقد المتورمة.
ويقول برّي لـ«الجمهورية» انّ لقاءه مع جنبلاط يندرج في إطار التشاور الطبيعي بينهما حول طريقة التعجيل في تأليف الحكومة وتجاوز العقبات التي لا تزال تؤخر ولادتها.
وعندما يُسأل بري عمّا إذا كان قد طرح مع جنبلاط أفكاراً لحلحلة «العقدة الدرزية»، يجيب غامزاً من قناة الخلاف المسيحي حول الحصص: «عليهم ان يعالجوا العقد الاخرى وبعد ذلك يهون الباقي»..
وردّاً على سؤال آخر، يستغرب برّي ان تكون هناك مشكلة حول منصب نائب رئيس الحكومة ووزارة الدفاع «علماً انّ كلاً منهما لا يعدو كونه موقعاً رمزياً، إذ ان الصلاحيات الدستورية تتركز في يدي رئيس الحكومة بينما نائبه لا يملك ايّ سلطة وتكاد لا تكون له غرفة، أمّا وزير الدفاع فدوره شكلي والصلاحيات العسكرية الاساسية موجودة بحوزة قائد الجيش».
ويضيف برّي مبتسماً: «في ما خصّنا نحن، لقد أدّينا عسكريتنا في وزارة الدفاع، ومنذ زمن طويل لم أعد أطلب هذه الحقيبة لحركة «أمل» واستغنيت عنها كليّاً بعدما جرّبناها واكتشفنا انّها لا تقدّم ولا تؤخر، ولذلك لا أعتقد ان هناك مبرراً لأيّ تجاذب حول حقيبة وزارة الدفاع ومنصب نائب رئيس الحكومة، لأنّ الامر لا يستحق بصراحة كلّ هذا العناء».
وفي خضم النقاش مع زواره حول تطورات الازمة الحكومية، يسأل برّي عن نشاط الرئيس المكلف سعد الحريري، وما إذا كان قد التقى رئيس الجمهورية بعد عودته من اجازته، فيجيبه معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل أن الحريري التقى وزير الاعلام ملحم رياشي وليس الرئيس ميشال عون.
يقف برّي في مكانه لبرهة، وقد بدت عليه علامات الاستغراب، قائلاً: «كان يُنتظر حراك من نوع مختلف، ووتيرة اقوى بعد عودة سعد الحريري.. هذا الايقاع لا يكفي».
في هذا الوقت، رنّ الهاتف الخلوي لخليل، فابتعد قليلاً ثم عاد بـ«آخر خبر»، متوجّهاً الى رئيس المجلس بالقول: «سعد الحريري كان هو المتّصل.. ابن حلال».
سأله برّي: ماذا أخبرك؟ أجابه خليل: «لقد أبلغني بأنّه يلتقي في هذه الاثناء الوزير الرياشي، وأكد أنّه يستعدّ لتزخيم مشاوراته والقيام بتحرك ناشط»، فردّ رئيس المجلس: «عسى خيراً»..
مهرجان «أمل»
إلا انّ الهمّ الحكومي لم يحجب عن عين التينة الاهتمام بمواكبة الاستعدادات المكثفة للمهرجان الذي تنظمه «أمل» يوم الجمعة المقبل، في بعلبك، إحياء لذكرى اخفاء الامام الصدر ورفيقيه.
احاط عدد من قياديي الحركة وكوادرها ببرّي، وراحوا يشرحون له تفاصيل التحضيرات التنظيمية واللوجستية المتعلقة بهذه المناسبة التي سيقارب من خلالها برّي الواقع السياسي المحلي بمواقف متقدمة، وسيطلّ على تحديات الوضع الاقليمي ولاسيّما منها ما يتصل بتطورات الازمة السورية ووجوب تفعيل العلاقات اللبنانية – السورية، من دون إغفال الهمّ الاقتصادي- الاجتماعي الذي ترزح تحته منطقة البقاع حيث يُرجّح ان يطلق برّي تصوّراً كاملاً لمعالجته.
وخلال النقاش بين برّي ومسؤولي حركة «أمل» المعنيين بتنظيم الاحتفال، قيل له ان مكان وقوفه على المنبر معرّض لأشعة الشمس الحادة التي قد تزعجه، وانّه تمّ «التحايل» على هذا العامل الطبيعي وتعطيل تأثيره على مكان وقوفه، فنظر اليهم بتعجب، قائلاً: «ماذا فعلتم؟» فأجابوه أنّه جرت الاستعانة بصورة ضخمة سترفع على «ونش» متحرك في المكان لحجب أشعة الشمس عن المنبر واتّقاء حرارتها.
ضحك برّي، وقال لمن حوله: «إذا وجدت ان خطتكم لم تنفع، سأنزل الى الجماهير وأبقى معهم وأخاطبهم من بين صفوفهم!».