خبر

الأمن العام في عيده الـ73

 

 

دافيد عيسى

 

في (27 آب) يعيّد “الأمن العام” عيده الـ73 منذ التأسيس في العام 1945، والسادس منذ إحيائه في العام 2013، هذا العيد أكثر من مناسبة احتفالية، إنه محطة للتأمّل في ما آلت إليه مؤسّسة الأمن العام مقارنة بغيرها من مؤسّسات الدولة والأسباب التي جعلتها تحقّق هذه النجاحات والإنجازات في غضون سنوات معدودة لا بل هذه القفزة النوعيّة التي جعلت من “الأمن العام” نموذجاً مؤسّساتياً يُحتَذى به ويُؤمّل أنْ يُعمّم ويَنسَحِب على كل مؤسّسات الدولة…

فلنضع جانباً كل ما حقّقه الأمن العام في السنوات الماضية منذ أنْ تسلّمه اللواء عباس إبراهيم، هذا الرجل العابر للطوائف وصاحب المهمات الصعبة حتى لا نقول المستحيلة، والذي أحدث فيه تغييراً جذرياً على كل المستويات، ونكتفي هنا بتسليط الضوء على ما تحقّق وأُنجز خلال هذا العام، 2018، الذي كان وكما أسماه “لواء الحرّية، عام تحديث وتطوير الإدارة” في الأمن العام، وأنجز خلاله كل ما تمّ التخطيط له على المستوى الإداري، والتدريب، وإنشاء المراكز الإقليمية في المديرية وآخرها المركز الإقليمي في منطقة “بعلبك – الهرمل” التي بات بإمكان مواطنيها الحصول على خدمات الأمن العام بسهولة وانسياب والتي أعادت رسم خريطة الدولة في هذه المنطقة المحرومة وعادت إليها بمعناها الإنمائي.
مع الإشارة هنا إلى أنّ عملية تشييد هذه المراكز الإقليمية تطبيقاً لمبدأ اللامركزية الإدارية الموسعة وفي كل المناطق من بعلبك إلى قانا ومن الجديدة إلى الطيونة، إنما تتم بمبادرة ذاتية من اللواء ابراهيم شخصياً الذي يسعى وبحكم علاقاته الشخصية والثقة به إلى تأمين الأرض والمكان والمساهمات المالية من متبرعين ومن دون أن يكلف خزينة الدولة فلساً واحداً.
وفي مجال التطوير والتحسين كان إنجاز المكننة في كل دوائر الأمن العام ما أدى إلى توفير الكثير من الوقت والجهد، ومن هذه الإنجازات جواز السفر الـ “بيومتري” الذي أصبحت مدته منذ منتصف هذا الشهر عشر سنوات بدلاً من خمس سنوات وهذا يوفّر الكثير على المواطن اللبناني من معاناة.
يولي الأمن العام وبتعليمات من مديره العام الأهمية القصوى للمواطن والإنسان في لبنان لتسهيل أموره والتخفيف من معاناته وتوفير الخدمات له بيسر وسهولة وسلامة محفوظة، مدركاً أنّ الأمن العام هو المؤسّسة التي تقف على تماس يومي ومباشر مع المواطنين والرأي العام والتي تشكل واجهة لبنان إلى الخارج بحكم تواجده وتمركزه عند المعابر الحدودية والموانئ البحرية والجوية، وهذا الحس الإنساني رافق عباس إبراهيم في كل المهام الصعبة التي كلف بها وكان أبرزها وأنجحها تحرير الأسرى والرهائن وإعادة النازحين…
وكما يتمتع “الأمن العام” ومديره العام بثقة الشعب اللبناني، فإنه يتمتع بالثقة والتقدير من جانب المجتمع الدولي الذي يترجم ذلك عملياً من خلال الدعم المباشر عبر دورات تدريبية للضباط والعناصر أو عبر تجهيزات تقنية وتكنولوجية متطورة لتعزيز قدرات وإمكانات الأمن العام خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب ومواجهته، بعدما أثبت الأمن العام حسن الأداء والإدارة على هذا الصعيد حتى بات لبنان خالياً من هذه الجرثومة والآفة التي فتكت بدول مجاورة وفُتِكَ بها في لبنان.
رغم تركيزه على تطوير الأمن العام وفق خطة منهجية وحرصه على متابعة الملفات والمراحل بكل شؤونها وتفاصيلها، يضطلع اللواء إبراهيم بمهام ومسؤوليات توكل إليه وتلقى على عاتقه لأنه الأقدر على توليها وإتمامها بنجاح، فما أمسك بملف إلا وأنجزه بنجاح وما وضع خطة إلا ونفّذها وما حدد هدفاً إلا وحققه وما أعطى وعداً إلا والتزمه ونفّذه.
مجمل هذه الملفات والقضايا تمتّ بصلة إلى جهاز الأمن العام الذي لديه بحكم القانون صلاحية التدخل في كل نواحي الأمن العام بمفهومه الشامل أي الأمن الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
ولكن الأمر يتعلق اولاً بشخص عباس إبراهيم الذي يقوم بدور وطني متكئاً على تفويض رئاسي وسياسي وعلى ثقة ومحبة الناس كل الناس على اختلاف طوائفهم والرأي العام وعلى تجربة وخبرة راكمها على مرّ سنوات ولم يعرف خلالها خطأ أو تقصيراً أو إخفاقاً…
وخلال العام الجاري تولى عباس إبراهيم ثلاث مهمات على جانب كبير من الدقة والأهمية:
–  أولها ملف النازحين السوريين والعمل على إعادتهم إلى بلادهم من خلال التنسيق مع السلطات السورية المعنية بهذا الملف والمنظمات الدولية الموجودة في لبنان تسهيلاً لعملية العودة الطوعية إلى ديارهم وهذه العودة التي يشكل الأمن العام ممراً إجبارياً لها والتي لا يمكن أن تتم من دون التواصل مع الدولة السورية والسلطات المعنية هناك وهي تتعامل بإيجابية وتنفّذ على مراحل وبتنسيق مع الدولة من خلال اللواء ابراهيم في هذا الملف الحساس، وعمليات التسجيل من أجل العودة مستمرة وبأعداد مرتفعة، وهذه عملية مستمرة تنتظر الترتيبات الضرورية لتوفير عودة طوعية وآمنة لهؤلاء إلى بلادهم.
–  ثمة ملف آخر يتصل بترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل استناداً إلى الخط الأزرق المكرس دولياً وإلى مصلحة لبنان العليا وحقوقه بالدرجة الأولى. واللواء إبراهيم الذي أُعطي تفويضاً من رئيس الجمهورية وأركان الحكم للمضي قدماً في عملية الترسيم الحدودي، كان واضحاً وحازماً منذ البدء في تحديد إطار الموقف اللبناني والخطوط الحمر التي لا تقبل التفريط بحبة تراب أو نقطة ماء، وهذا الموقف يعتمد قاعدة للتفاوض في هذا الملف السيادي الذي وُضِعَ في أيدٍ أمينة.
–  لم يكن مستغرباً أن تُعهد للواء إبراهيم ملفات وقضايا حساسة لتفكيك عقدها وألغازها كان من بينها مهمة حل مشكلة مصارف لبنانية في العراق وأموال لبنانية مجمّدة أو محتجزة هناك دُفِعَت ثمن التقلبات والحرب هناك وتحتاج إلى من يقوم بجلاء مصيرها وملابساتها وإلى من “يحرّرها”.
–  وليس بعيداً من العراق، كان دخول عباس إبراهيم على خط قضية اللبناني المحتجز في إيران “نزار زكا” والعالقة منذ سنوات، فذهب إلى طهران والتقى به واطمأن عليه ووعده بحل قريب لقضيته معيداً إلى أهله الأمل والثقة بوجود دولة ترعى مصالح وسلامة أبنائها.
كل هذا التحرّك في اتجاه الخارج الذي يقدّر عالياً وكان آخر مظاهر التقدير والتكريم الوسام الرفيع الذي منحته إيّاه الدولة الفرنسية في حفل في قصر الصنوبر، لا يحجب التحرّك الداخلي لهذا الرجل الذي “لا يكلّ ولا يملّ” حتى على صعيد التقريب بين المسؤولين والسياسيّين واحتواء أجواء التشنّج والتوتّر وإيجاد حلول لكل المشاكل عسى أنْ يكون بينها حل مشكلة تأليف الحكومة الجديدة وفي وقت قريب…
هنيئاً للأمن العام في عيده الذي يحتفل به عن استحقاق وجدارة وللمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي أثبت أنّه أكثر من مدير عام وأكبر من المركز الذي يشغله، إنّه عن حق رجل بحجم “وطن “…