خبر

الراعي: لنحمل قرار الدفاع عن الحق والعدل ونعلي الصوت في وجه الظلم

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قداسًا احتفاليًا في بلدة حدشيت، في باحة مزار مار الياس على قمة التلة المشرفة على وادي القديسين في أعالي البلدة، بدعوة من جمعية “حدشيت أكتيفيتيز”.

عاون البطريرك الراعي في الذبيحة الالهية المطران جوزيف النفاع والوكيل البطريركي الخوري طوني الآغا وكهنة حدشيت جورج عيد وميلاد الكورة، وخدمت القداس جوقة مار رومانوس في حضور رئيس بلدية حدشيت روبير صقر وأعضاء المجلس البلدي والمخاتير وحشد من المؤمنين.

استهل القداس بكلمة ألقاها الخوري الكورة، شكر فيها البطريرك الراعي على مباركته حدشيت بمناسبة العيد. وقال: “لم أجد صعوبة في إيجاد قواسم مشتركة بينك وبين النبي إيليا نبي الزمن الرديء فكذلك أنتم أنبياء في زمن رديء آخر حيث غاب الله عن عقول وحياة المسؤولين والناس وكما قام إيليا بقوة الله وإنتصر في معركة جبل الكرمل كذلك أنتم يا صاحب الغبطة تشنون معارك من على تلة بكركي والديمان على كل من يتطاول على سيادة لبنان”.

أضاف: “بالنسبة لمزارنا فإنكم لا تشبهونه بل هو يشبهكم بفتح أبوابه للمؤمنين ليل ونهار كما تفتحون أنتم أيديكم لإحتضان وإستقبال الجميع لترسلون كلمة الله لكل الناس”.

وختم: “سيدي البطريرك لقدومكم اليوم وسلوككم الطريق الصعب المؤدي الى مزارنا وليس غريبا لأنكم تسلكون دائما طرق الملكوت”.

العظة
وبعد تلاوة الإنجيل ألقى البطريرك عظة بعنوان “قام إيليا كالنار وتوقد كالمشعل”، تحدث فيها عن إيمان النبي إيليا وقال: ” كالنار قام إيليا يحرق الوثنية والأوثان والأصنام وكالنار قام يدافع عن الإله الحقيقي وعن عبادته وهو رجل الله رجل الصلاح رجل الإتحاد الكامل مع الله وكالمشعل راح يبدد الظلم بالكلمة الإلهية، تتلمذ له العديدون فأنار لهم ضمائرهم وعقولهم وقلوبهم ولهذا قال عنه يشوع قام إيليا كالنار وتوقد كالمشعل”.

أضاف: “يسعدني أن أحتفل معكم ومع سيادة راعي هذه النيابة البطريركية بالإحتفال بعيد شفيعكم وشفيع هذا المكان بل شفيعنا جميعا مار الياس الحي. يليق به هذا المكان لأنه يذكرنا بجبل الكرمل، يليق به هذا المكان على الجبل لأنه توقد كالنار وكالمشعل على جبل لكي يضيء كل هذه المنطقة. إني أحييكم وأحيي إيمانكم وأحيي محبتكم لمار الياس وتضحياتكم في تهيئة هذا المكان الجميل أحيي كل الذين ساهموا وضحوا بمالهم وتعبهم من أجل إعداد هذا المكان الرائع وكأننا على جبل طابور الذي منه تجلى الرب والذي فيه ومنه صعد الى السماء. إنه جبل مقدس قدسه مار الياس قدستموه بصلواتكم وإيمانكم. أحيي كهنة الرعية أبونا طوني وجورج وميلاد وأشكر أبونا ميلاد على الكلمة اللطيفة الجميلة ولكن لا أستحق أن تجمع بيني وبين القديس إيليا النبي لكنها كلمة تأملية كشفت فيها وجه إيليا النبي. إنني أقدم هذه الذبيحة معكم على نية حدشيت العزيزة عائلاتها كبارها وصغارها ونذكر بنوع خاص مرضاكم ونذكر الذين هم منتشرون في مختلف بلدان الإنتشار ومعظمهم في أستراليا أينما هم تحت كل السماء نحييهم جيمعا. إننا نحيي في صلواتنا كل مواتكم الذين تركوا لنا الإيمان وعلمونا الصلاة من جيل الى جيل. وأنتم تحملون نواياكم الخاصة. إنني أحيي الى جانب الكهنة راهبات القديسة تريزيا الطفل يسوع اللواتي يعنين بتربية أجيالنا في المدرسة وأحيي كل المربين في المدارس الرسمية وكل الأهل الذين هم المربون الأولون لأولادهم. ضعوا على المذبح كل نواياكم الخاصة لكي تتقدس مع الخبز والخمر اللذان يصبحان جسد الرب ودمه”.

وتابع: “لا بد أن نتوقف على ثلاث أفكار أساسية مع القديس الياس الحي النبي أولا الغيرة على شؤون الله، غيور على شؤون الله يعنيه الدفاع عن الله الإله الحقيقي بوجه كل الأوثان والأصنام وإسمه إيليا باللفظة العبرية تعني كما تعلمون “الله إلهي” الله الحقيقي هو إلهي لا الأوثان ولا الوثن ووقف بوجه الملك آحاب وزوجته محافظا على الغيرة وعلى شان الله هم الذين أدخلوا على المملكة عبادة الأوثان والأصنام فلم يهب الملك وقف بوحهه وتحدى كهنة بعل وعلى جبل الكرمل أنزل النار وأحرقت محرقته وأصبحت الكنيسة تردد كما سمعنا وسنسمع في القداس إستجبني يا رب إستجبني، هي كلمة لإيليا النبي الذي من بعد أن حاول كهنة بعل الطلب من أوثانهم وأصنامهم أن ينزلوا نار لتحرق ذبيحتهم وما من مجيب. وكان يقول لهم “علوا صوتكم بعد ربما آلهتكم نائمة” وهم يصرخون ولا جواب. اما عندما وصل دور إيليا وقال “إستجبني يا رب إستجبني وأظهر أنك أنت الإله الحق” انزلت المطر من السماء والنار وأحرقت ذبيحته. وهكذا اعطى البرهان أن الله هو الإله الحقيقي فإغتاظ الملك والملكة عليه وإضطهدوه لكن الرب كان معه وكان يرسل إليه غرابا يحمل له طعاما كل يوم فشدده وقال له إذهب وأكمل رسالته”.

وتابع: “الأمثولة أن نغار على شؤون الله أي أن نحفظ وصاياه وكلامه وتعليمه في الكتب المقدسة والتي تعلمنا إياه الكنيسة. اليوم الأصنام والأوثان عديدون لا يعني الأصنام والأوثان حسب الماضي عبادة البقرة والشمس والقمر لكن اليوم الأصنام من نوع آخر المال صنم إله، السلاح صنم إله، السلطة صنم إله، الجنس صنم إله، المخدرات، لعب القمار، المسكرات كل شيء يستقطب قلب الإنسان قبل أي شيء هو صنم لا نستطيع عد الأصنام كل عبادة يؤديها الإنسان لغير الله هذا صنم، نحن نعيش اليوم في عالم وثني بالرغم من كل المظاهر الأخرى، يمكن أن يكون لكل واحد منا الصنم الشخصي يجب علينا أن نفكر أين قلبه وفكره الحقيقي هناك يكون صنمي فإذا كل واحد منا هو في حرب مستمرة تجاه أصنامه الشخصية. ثانيا وقف يدافع عن العدل والحق فعندما إعتدى الملك والملكة وقتلوا نابوت اليزراعيلي ليأخذ الملك أرضه تصدى له إيليا وقال له لا يحق أن تفعل هذا ويقول لإيزابيل الملكة الكلاب التي لحست دم نابوت ستلحس دمك في المكان نفسه وتحدى الملك والملكة بالدفاع عن الحقيقة والدفاع عن العدل وعن حقوق الناس، نعم يوجد ظلم كثير وصمت على الظلم وهذا نعيشه لا يجوز لأي إنسان أن يظلم الآخر، لا يجوز لأي إنسان أن يرذل شرا لأي إنسان، لا يجوز لأي إنسان أن يعتدي على الآخر. نحن المؤمنين بالمسيح، المؤمنين بالله علينا بعيد إيليا النبي أن نحمل قرار الدفاع عن الحق والعدل ونعلي الصوت بوجه الظلم. وثالثا هي كلمة الله التي إيليا توقد كالمشعل وحمل كلمة الله وعلمها وكان لديه 450 تلميذا علمهم كلام الله”.

وتوجه الى الأهالي بالقول: “أنتم أنبياء عليكم تعليم أولادكم لأن أول كاهن رأيناه كان أبي وأمي هم الذين علمونا الصلاة والإيمان ومن ثم تعرفنا على الكاهن في الكنيسة عندما كبرنا. نحن مدعوون لحمل كلمة الله لتبقى هي النور للعقول والضمائر ونصلي دائما مع المزمور “كلامك مصباح لخطاي ونور لسبيلي”. عندما نقول كلام الله نقول يسوع المسيح الكلمة الذي صار جسدا وقال عن نفسه أنا نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلام”.

وختم “علينا أن نتعلم الشجاعة من إيليا النبي، فعندما إلتقاه الملك قال له “هذا أنت الذي تقلق كل إسرائيل فأجابه لا أيها الملك أنت الذي تقلق الشعب بظلمك وتعديك على كل الشعب أنت”. علينا أن تعلم الشجاعة، شجاعة الحقيقة، والحقيقة تعطي شجاعة والعدالة تعطي شجاعة والإتحاد بالله يعطي شجاعة، فنحمل معنا الأمثولات الثلاث ونصلي لكي كل واحد منا في مكانته وحالته وظرفه يتوقد كالنار ويضيء كالمشعل”.

وبارك البطريرك الراعي بعد القداس العشاء القروي وشارك المصلين بالعشاء.