خبر

نورا جنبلاط: إخترت رسالة السلام (مرلين وهبة)

منذ عام 1985، وفي أوج الحرب الأهلية ، انطلقَت مسيرة السيّدة نورا جنبلاط التي تركّزَت على القضايا البيئية والتراثية والفنّية، وخصوصاً ذاك الفنّ الذي يكلّل هامة محمّيةِ جبل الشوف. وعلى رغم متابعتها للأمور السياسية بحكمِ انتمائها إلى بيتٍ سياسيّ عريق، إلّا أنّها اختارت استكمالَ مسيرة دعمِ الفنّ، التي نشَطت بقوّة مع إطلاق مهرجانات بيت الدين، كرسالة سلامٍ وتعايُش من بيت الدين إلى كلّ لبنان.

في غفلةٍ منها، استدرجناها في مقابلة أردناها دردشةً، لكنّها طالت، فيما كانت منهمكةً في استقبالنا كوفدٍ إعلاميّ يزور المنطقة الأحبَّ إلى قلبها، فاستغربنا الطلاقة التي تتحدّث بها، وخصوصاً عندما تسترسِل في وصفِ محاسن جبلِ الشوف ومحميتِه وغِنى المنطقة، بلغةٍ عربية بليغة لا يُتقِنها ربّما كثيرون من أبناء قدموس…

تكشفُ نورا جنبلاط لصحيفة “الجمهورية”، أسرار سعيِها المتواصل لإنجاح المهرجانات التي أصبحت دوليةً بعد سنواتٍ من الجهد والعمل، بالرغم من المصاعب المتعدّدة؛ كعدمِ توفّرِ المناخ السياسي الملائم لاستقطاب السيّاح، وارتفاع الأكلاف وزيادة الضرائب المالية، وسواها من العوامل، وذلك لإبقاء نشاطاتِ المنطقة في المستوى الذي يليق بجمال الجبل وفرادتِه. وتغوصُ السيّدة نورا في التفاصيل متباهيةً بالحفلات التي نفِدت تذاكِرُها.

في السياسة

لا تمارس نورا جنبلاط العملَ السياسيّ، وليس لديها طموحاتٌ سياسية، ولكنّها تُتابع السياسة، بطبيعةِ الحال، بحكمِ قربِها من وليد جنبلاط الذي تعلّمَت منه دروساً مهمّة في الشأن السياسي، وعنه تقول: “هو قارئ جيّد للسياسة الدولية والإقليمية والمحلية، ويمتاز ببُعدِ نظرٍ وتبَصُّرٍ صائب لمسار الأحداث، وغالباً ما تتحقّق توقّعاته وتصحُّ قراءته”.

المرأة والحُكم

تؤيّد نورا جنبلاط وصولَ السيّدات إلى الحكم، وتقِرّ بأنّ هناك نقصاً بتمثيل المرأة في الحكومة اللبنانية وفي مجلس النوّاب. وعن تمثيلها في الحكم تقول: إنّ “الكوتا النسائية قد تساعد مرحلياً على تمثيل المرأةِ بإنصاف”، ولا تعتقد أنّه يجب تخصيصُها بوزارات محدَّدة، مِثل وزارة شؤون المرأة المستحدَثة في لبنان، إذ يمكن أن تتولّى أهمَّ الحقائب، فالأمثلة كثيرة والجَدارةُ هي المعيار…

*ولماذا لا تبادرين وتنطلقين في عالم السياسة؟

تجيب عن سؤالنا بوضوح وحسم: “إتكالُنا كبير على تيمور بك الذي ندعمه لاستكمال مسيرةِ أجدادِه ووالده، وهو يبلي حسَناً في انطلاقاته، والجميعُ يدعمه”.

ولدى سؤالنا إذا ما كانت تعتقد أنّ وليد بك بكَّر في الاستقالة من الحكم، كما في التوريث السياسي؛ فبِلباقةٍ قلَّ نظيرُها، أوقفَتنا عن طرح الأسئلة السياسية، لأنّ لديها الكثير لتقوله عن تحضيراتها لمهرجانات الشوف والجبل، لافتةً إلى أنّها تُتقِن الفنّ البيئيَّ أكثر مِن إتقانها السياسة، إلّا أنّها في الوقت نفسِه وبذكاءٍ لافت أكّدت لـ”الجمهورية”، أنّ “وليد بك حاضر في القضايا الوطنية الكبرى، وهو دائم الجهوزية لدعمِ تيمور في مسيرته السياسية والنيابية الجديدة”.

ضرائب ماليّة

وبالانتقال إلى الحديث الأحبّ إلى قلبها، تغوص رئيسة لجنة مهرجانات بيت الدين باستعراض التفاصيل، وتتحدّث بأسىً عن أبرز المشاكل التي ترافق كلَّ المهرجانات وليس فقط مهرجانات بيت الدين، وتعتبر أنّ ثمَّة مصاعبَ هائلة تعترض العمل، على عكس ما يُشاع من هنا وهناك، مؤكّدةً أنّ التحدّيات كبيرة، وصعوبةُ الاستمرار تزداد يوماً بعد يوم.

ولأنّها تُفضّل عدم الغوص في تفاصيل هذه المشاكل، أقلّه إلى ما بعد انقضاء موسم المهرجانات، حيث ستتمّ إثارة هذا الملفّ على المستوى الوطني بأكمله، فقد أخذَت تُشدّد على الدور الحضاري الذي تؤدّيه المهرجانات، وضرورةِ البحث عن الوسائل الناجعة للحفاظ عليها وحمايتِها وتحصينها وتطويرها.

وتوضح: “صحيح أنّنا ندعم فنّاني لبنان، إلّا أنّ اللبنانيين متعطّشون أيضاً إلى مشاهدة فنّانين أجانب وعروضٍ أجنبية، وهم غير قادرين على السفر لمشاهدتها. زِد على ذلك أنّ الفنّان اللبناني نفسَه يقدّم عروضاً في جميع المناطق اللبنانية أثناء المهرجانات، وهذا أمرٌ جيّد، ولكنْ ألسنا بحاجة إلى التنويع، خصوصاً أنّنا قادرون على استضافة أهمِّ الفنّانين العالميين في لبنان للتعاقد معنا؟”.

نورا جنبلاط تردُّ الفشلَ إلى سوء التخطيط الذي يغيب كالعادة عن “بعض القوانين التي تحتاج إلى تحديث، وهذه ورشةٌ باتت ضروريةً أكثر من أيّ وقتٍ مضى”.

السيّدة جنبلاط شاركت الإعلاميين في وجبة الإفطار، واعتذرَت عن عدم قدرتها على مرافقتنا خلال برنامج الرحلة المخصّص للفريق الإعلامي، الذي قصَد الشوف ومحميّة أرز الشوف للإضاءة عليها وعلى الآثار التاريخية، بدعوةٍ من لجنة محميّة أرز الشوف ونادي الصحافة، لارتباطها بمواعيد أخرى. ومِن بيت الدين توجّهت إلى اللبنانيين بكلمةٍ أخيرة عبر “الجمهورية” بالقول: “أتمنّى الحفاظ على الصورة الثقافية المشرقة والحضارية للبنان الذي نحبّ وتحبّون، ويمكنكم رؤيته ومحاكاته ومشاهدته في أرزِنا ومهرجاناتنا. تفضّلوا”.