مع ان زحمة الخلافات السياسية والمناكفات اليومية التي تضج بها الساحة الداخلية منذ نحو اسبوع متسببة بفرملة تامة لمسار تشكيل الحكومة، تحجب الرؤية في شكل كبير عن سائر الملفات، حتى تلك التي تتسم بأهمية كبرى على المستوى الوطني، الا ان بعضها ولئن لا يخرج الى الضوء، يبقى حاضرا في اروقة المقار السياسية المعنية، ومن بينها الازمة الاقتصادية والاستراتيجية الدفاعية التي اكد الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري وضعها على طاولة النقاش فور تشكيل الحكومة، وقطعا وعودا بذلك للمجتمع الدولي خلال مؤتمرات الدعم التي عقدت في عدد من العواصم الاوروبية.، ما دامت المرحلة الاساسية المفترض ان تسبقها، تشكيل الحكومة، عالقة في شباك المحاصصة والشروط، فإن اوساطا مطلعة تؤكد لـ”المركزية” ان الرئيس عون ما زال عند موقفه وسيبادر بعد ولادة الحكومة الى تشكيل صيغة جديدة لهيئة الحوار، كما تمنى الخارج، مهمتها وضع الاستراتيجية الدفاعية، بعدما طالب اعضاء مجموعة الدعم الدولية لمساعدة لبنان الرئيس عون بوجوب استعجال تشكيل حكومة وانشاء هيئة حوار لوضع استراتيجية دفاعية تعالج سلاح الميليشيات وتعمل على حصر السلاح في يد الشرعية من دون استثناءات.
وتشير الى ان ما يدفع دول الدعم للمطالبة باستعجال الاستراتيجية هو عزمها على مساعدة لبنان وتنفيذ مشاريع البنى التحتية واخرى انمائية وتطويرية اوردتها المؤتمرات لاسيما “سادر” التي ناهز اجمالي المساعدات فيها 12 مليار دولار. وتلفت اوساط دبلوماسية غربية في السياق الى ان لا يمكن للبنان الافادة من مجمل مقررات هذا المؤتمر كما غيره قبل ان يؤمن الارضية الصالحة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، حتى ان الدول المانحة تضع شروطا وقيودا ومطالب لا يمكن تجاهلها، في مقدمها ضبط الامن في لبنان لضمان عدم عرقلة المشاريع وتأمين المناخات الآمنة للمستثمرين ، لا سيما بعد موجة الفلتان التي ظهرت في بعلبك اخيرا وقرى حدودية وغيرها من الحوادث التي كان للسلاح المتفلت فيها الكلمة الفصل. ازاء هذا الواقع ترى الاوساط ضرورة اقرار تشريعات صارمة حيال كل ما يتصل بحيازة ونقل واقتناء ل واستخدام السلاح، وبت الاستراتيجية الدفاعية في اسرع وقت، لتعبيد طريق الانماء والازدهار والاستثمارات وتنفيذ المشاريع الموعودة، والا فإن خلاف ذلك، سيقلّص فرص المساعدات الدولية للبنان ومعها حظوظ انهاضه من كبوته التي اذا ما استمرت من دون رادع ستقوده حتما الى الانهيار.
وتأكيدا على العزم الرئاسي على مواجهة التحديات، ابلغ رئيس الجمهورية وزيرة التجارة الخارجية والتعاون التنموي في هولندا سيغريد كاغ اليوم ، ان الحكومة المقبلة ستولي عناية خاصة بالشأن الاقتصادي واستكمال عملية مكافحة الفساد، بالتزامن مع معالجة سائر المسائل التي تهم اللبنانيين في ظل الاستقرار الامني الذي تنعم به البلاد منذ اكثر من سنة ونصف السنة. وشكر رئيس الجمهورية للمملكة الهولندية مشاركتها في مؤتمرات دعم لبنان التي انعقدت في روما وباريس وبروكسل، مقدرا الاستعداد الذي ابدته الوزيرة كاغ لاستضافة بلادها مؤتمرا لمتابعة ما توصل اليه المشاركون في مؤتمر ” سادر” الذي انعقد في باريس.