خبر

سقوط “هدنة بعبدا” أم سقوط “اتفاق معراب”؟!

تحمل القوات اللبنانية رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل مسؤولية سقوط الهدنة السياسية التي رعاها الرئيس ميشال عون وسعى إليها الرئيس المكلف سعد الحريري بهدف تحسين مناخ التأليف وتسريعه.

وتقول القوات عبر مصادرها إن المواقف النارية التي أطلقها باسيل عندما قال كلمته ومشى الى الخارج، أعادت الوضع الى نقطة الصفر وأصابت مبادرات التهدئة والحوار، وتشكل إحراجا لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وإساءة لجهوده مع الرئيس المكلف في إرساء مناخ التهدئة ودفع عملية تشكيل الحكومة الى الأمام.

تقول هذه المصادر وبكلمات تعكس “صدمة وخيبة” إن القوات كانت تأمل وتتوسم خيرا من الاجتماع الذي عقد في قصر بعبدا بين د.جعجع والرئيس ميشال عون، وانطلاقا من مبادرة الحريري الذي طلب من جعجع (ومن جنبلاط) التواصل مع رئيس الجمهورية.

وفعلا كان اللقاء جيدا مع الرئيس عون الذي طلب الدخول في التهدئة والحوار لتجاوز العقدة الحكومية وتجاوب جعجع مع هذه الرغبة، واتصل بعد خروجه من قصر بعبدا بالوزير باسيل ثم أوفد إليه الوزير الرياشي وتم الاتفاق على وقف السجالات وعلى هدنة شاملة.

ولكن ما حصل أن باسيل بادر الى خرق الهدنة ونسفها من خلال حملة سياسية شنها على القوات اللبنانية وعلى وزرائها، ضاربا عرض الحائط مبادرات التهدئة والاستقرار، وساعيا الى وضع يده على ملف التأليف.

إذا كانت القوات اللبنانية تتحدث عن سقوط “هدنة بعبدا”، مستغربة هذا التضارب بين مساعي رئيس الجمهورية ومواقف باسيل، فإن أوساطا مسيحية متابعة لملف العلاقة بين الطرفين تعتبر أن المسألة ليست مسألة سقوط “الهدنة الحكومية” وإنما تتجاوز ذلك الى سقوط “اتفاق معراب” عمليا، وتعتبر ان التطورات السلبية التي كانت بدأت قبل الانتخابات النيابية وانكشفت بوضوح مع فتح الملف الحكومي، تدفع الى الاعتقاد أن هناك خطرا محدقا باتفاق معراب الذي بات يحتاج الى عملية إنقاذ بالتوازي مع عملية “إعادة بناء الثقة” بين الطرفين.

وثمة لغط كبير يدور حول “اتفاق معراب” وثمة غموض كثيف يكتنف مستقبل العلاقة بين جعجع وباسيل.

ففي حين تدعو القوات الى مراجعة وتوافق على خارطة طريق لوضع اتفاق معراب موضع التنفيذ الفعلي لأنه لم يطبق في بنوده الأساسية، فإن التيار الوطني الحر يدعو الى مراجعة تفضي الى اتفاق سياسي من دونه لا إمكانية لتطبيق اتفاق معراب.

وبمعنى أن الاتفاق على دعم العهد وإنجاحه وتحديد “خريطة طريق” هو المدخل للاتفاق على الشراكة في الحكم وتقاسم “السلطة”.

وإذا كانت التهمة الموجهة راهنا من القوات الى باسيل هي “عدم الالتزام بهدنة بعبدا”، فإن التهمة الموجهة من باسيل الى القوات هي عدم الالتزام بدعم العهد، وعدم الالتزام بالشق السياسي في اتفاق معراب، بدءا من الموقف المتخذ في خلال أزمة استقالة الحريري، مرورا بملف التعاطي مع ملفي النازحين والكهرباء، وصولا الى الانتخابات النيابية التي لم يحصل فيها أي تحالف في أي دائرة بين التيار والقوات.. من الواضح الآن أن اتفاق معراب سقط عمليا وكان نشره على مرحلتين عبر قناة “MTV” بكشف باسيل أولا عن خطوطه وعناوينه، ومن ثم في اليوم التالي تسريب النص الحرفي للاتفاق من دون أن يعرف مصدر التسريب) المؤشر الفعلي الى سقوطه، ليصبح السؤال وفي ظل تمسك الطرفين بالمصالحة: هل من إمكانية لتعويم هذا الاتفاق أم أن الأحداث تجاوزته وباتت الحاجة الى اتفاق جديد؟!