خبر

عن إشكالية حصة الرئيس الوزارية (د. ناصر زيدان)

بعد إقرار التعديلات الدستورية على اثر اتفاق إنهاء الحرب الأهلية في مدينة الطائف من قبل النواب اللبنانيين الذين كانوا على قيد الحياة في حينها، كان الياس الهراوي اول رئيس جمهورية ينتخب في أعقاب اغتيال الرئيس رينيه معوض.

واستمر في الحكم 9 سنوات من 24/11/1989 الى 23/11/1998، لم يكن للهراوي كتلة نيابية لتتمثل في مجلس الوزراء، ولكنه كان يعين وزراء محسوبين عليه.

ثم جاء العماد اميل لحود الى الرئاسة في العام 1998. ولحود ايضا لم يكن لديه حزب او كتلة نيابية، وبالتالي فقد عين بعض الوزراء لتمثيله، ومنهم الوزير الحالي يعقوب الصراف والوزير جان لوي قرداحي.

ثم جاء الرئيس العماد ميشال سليمان عام 2008 وفعل ما فعله اسلافه، ومن الوزراء المحسوبين عليه، ومنهم زياد بارود واليس شبطيني والوزير “الملك” عدنان السيد حسين.

ولكن كل هؤلاء الوزراء في العهود المذكورة آنفا لم يكونوا حزبيين.

عند انتخاب الرئيس العماد ميشال عون لسدة الرئاسة في نهاية تشرين الأول 2016، تألفت وزراء جديدة برئاسة سعد الحريري، وتم تعيين وزراء محسوبين على الرئيس. والمفارقة ان بعض هؤلاء الوزراء المحسوبين على الرئيس يحضرون اجتماعات تكتل التغيير والإصلاح الذي كان يرأسه الرئيس عون، وهو “المرشد” الفعلي له حتى اليوم.

الذاكرة السياسية للمتابعين لا تستطيع التفريق بين وزراء “الرئيس” ووزراء “التيار الوطني الحر” وهم يعتبرونهم جميعا فريقا واحدا.

هذه المقاربة “العونية” خلقت إشكالية لم تكن مطروحة منذ قبل، أولا: لأن الرئيس لديه كتلة نيابية كبيرة تتبنى طروحاته وتدافع عن سياسته على عكس الرؤساء الذين سبقوه. ثانيا: لأن وزراء “الرئيس” كانوا فعليا جزءا لا يتجزأ من الماكينة الحزبية للتيار.

بصرف النظر عن مدى معارضة هذه المسألة او الاتفاق معها، لكن اوساط سياسية متابعة تطرح مجموعة من التساؤلات مبنية على هذه المقاربة، بمناسبة الخلاف على تأليف الحكومة الجديدة، ومطالبة اوساط القصر بضرورة ضم الحكومة لأوسع تمثيل طائفي او حزبي، كما مطالبتهم بحصة ثابتة للرئيس، وبينها نائب رئيس الحكومة: أولا: هل يحتاج الرئيس الذي لديه كتلة نيابية وازنة لوزراء محسوبين عليه مباشرة.

ثانيا: هل يجوز لوزراء الرئيس ان يكونوا جزءا من العدة التنظيمية لفريق سياسي، وبالتالي يتم احتسابهم من ثلث ضامن ـ او معطل ـ او من أغلبية الثلثين “المقررة” وبالتالي يمكن ان يكونوا الى جانب هذا الطرف او ذاك. وهذا بطبيعة الحال يفقدهم الصفة الحيادية، ذلك ان الرئيس الذي يعطيه الدستور حق ترؤس جلسات مجلس الوزراء عندما يحضر، لا يحق له التصويت الى جانب هذا القرار او ذاك، حفاظا على حياديته، وعلى كونه رئيسا لكل المؤسسات الخاضعة لسلطة مجلس الوزراء مجتمعا (ودائما وفقا لرأي الأوساط السياسية المتابعة المنوه عنها أعلاه).