رامح حمية – الأخبار
لم يمر عيد الفطر سعيداً على بلدة سرعين الفوقا وجوارها. فجعت البلدة بجريمة ذهب ضحيتها قتيلان بينهما سيدة في الخمسين من العمر.
تعود جذور الجريمة إلى ما يزيد على سنة. في شباط من عام 2017 حصل إشكال فردي ذهب ضحيته ثلاثة قتلى على خلفية «تشفيط سيارة». قتل في الإشكال حينها كل من محمد زلفو شومان والعسكري شومان شومان، والطفل حسين شومان متأثراً بجروحه بعد إصابته برصاصة خلال الإشكال.
جريمة ثاني أيام عيد الفطر جاءت على خلفية «ثأرية»، وبحسب مصادر أمنية، فقد حاول عدد من أفراد عائلة شومان (جب آل مراد) تنفيذ «كمين» ضد أفراد من عائلة شومان (جب آل شبلي)، حيث عمد ما يقارب 15 مسلحاً ملثماً يستقلون سيارتين، إحداهما من نوع بيك آب تاكوما، أتوا من جهة «ضهور البطحة» في جرود سرعين، إلى إطلاق النار بكثافة على منزل علي شومان، الذي أصيب بداخله كل من ر. شومان، وشقيقه ع. شومان إصابتين بالغتين، وكل من ر. شومان، وم. شومان، في حين أصيبت السيدة منى عبدالله شومان برصاصة في ظهرها ما أدى إلى مقتلها على الفور، بينما كانت على الطريق أمام المنزل.
بعد ذلك، تطور الإشكال إلى تبادل لإطلاق النار ما أدى إلى مقتل حسين شومان «أحد الشبان الذين شاركوا في تنفيذ الكمين»، بحسب مصادر أمنية وعائلية.
الاشتباكات استمرت ما يقارب الساعتين إلى أن تدخلت قوة من الجيش عملت على تطويق ذيول الحادثة ومداهمة عدد من منازل المشتبه فيهم، حيث أوقفت ثلاثة أشخاص وضبطت بحوزتهم قنابل يدوية وذخائر وأعتدة عسكرية.
وأمس شيّعت بلدتا سرعين الفوقا وسرعين التحتا المحاذيتين لبلدة النبي شيت الشاب حسين شومان، وسط مزيج من أجواء الحزن والتوتر والغضب وفي ظل انتشار الجيش، على أن تشيع السيدة منى عبدالله شومان اليوم.
والجدير ذكره أن بلدة سرعين الفوقا من القرى المختلطة طائفياً، وتتميز بقربها من مدينة زحلة أكثر منها إلى بعلبك، وتحدها بلدة النبي شيت وتقع قبالة بلدة بدنايل مباشرة، وثمة سهول متشابكة تاريخياً.
وقد طالبت مصادر عائلية الأجهزة الأمنية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع حصول ردود فعل على الجريمة النكراء التي حصلت، وتضافر جهود الفعاليات العائلية والحزبية والعشائرية من أجل تخفيف حدة الاحتقان تمهيداً للوصول إلى مصالحة بين أفراد العائلة الواحدة والتي خسرت 5 أفراد في غضون عام وأربعة أشهر.
من جهته، أكد رئيس بلدية سرعين الفوقا عطريف شومان لـ«الأخبار»، أن الحادثة أليمة بخسارة اثنين من أبناء البلدة، كاشفاً عن مساع من قبل حزب الله وفعاليات البلدة والقرى المجاورة لإصلاح ذات البين بين أبناء العائلة الواحدة بعد أن تهدأ النفوس.
من جهة ثانية، عاشت البلدات البقاعية الحدودية أجواء من التوتر على أثر تجمع عدد من شبان عشيرة آل جعفر، وتهديدهم أفراداً من عائلة الجمل في بلدة العصفورية وحويك، مطالبين بتسليم مرتكبي جريمة قتل الشاب محمد شامل جعفر من قبل شبان من آل الجمل. إلا أن فعاليات عشائر آل جعفر وزعيتر وعلوه سارعت إلى تهدئة حالة الغضب، مشددين على تسليم قاتلي محمد شامل جعفر للأجهزة الأمنية حتى تأخذ الأمور مجراها القانوني والقضائي.
ووفق مصادر أمنية، أقدمت عصابة على سرقة سيارة إلى زيتا قبل نحو أسبوعين، فأخذ مسؤول حزب الله في البلدة معالي الجمل على عاتقه استردادها وإعادتها إلى أصحابها في بلدة قصرنبا، وتطور الأمر إلى اشتباك أدى إلى مقتل معالي الجمل، فردت عائلة الأخير بقتل محمد شامل جعفر، بحسب المصادر نفسها.
التراكمات التي تنذر بخطورة الوضع في البقاع الشمالي، تحدث عنها النائب اللواء جميل السيد الذي استغرب عدم توقيف مرتكبي الحوادث اليومية، متحدّثاً عن مؤامرة على المنطقة جراء ما تشهده من إهمال أمني مؤخراً تتحمل مسؤوليته القوى الأمنية على اختلافها، ويقول السيد لـ«الأخبار» إنه عندما يتعدى الأمر حدود التقصير يتحول إلى تواطؤ، وإذا غابت المسؤولية والمحاسبة تصبح المسألة تواطؤاً لا بل تآمراً على المنطقة وأهلها، معتبراً أن بعض الإهمال تقصير ولكن الكثير من التقصير هو مؤامرة.
ليس المطلوب اليوم نبش القبور والتراكمات السابقة كما يقول السيد، «وإنما محاسبة المرتكبين والمسؤولين عن الحوادث اليومية المتكررة، لا بل إن بعض الأجهزة الأمنية تحرّض على كتابات وتصاريح ضدنا بتهمة أننا نطالب بالأمن بدل الإنماء والعفو، بينما المقصود منع الحوادث اليومية وملاحقة المرتكبين»، وختم: «الأمن ليس مداهمات والجيش يملك من التقنيات والتجهيزات ما يكفي لتوقيف كل من يرتكب حوادث من دون أن يكون المطلوب العودة إلى الوراء».