ليا القزي – الأخبار
لم تطو القوات اللبنانية بعد صفحة الانتخابات النيابية. ذهبت السَكرة، وأتت فكرة المُحاسبة، والبداية كانت من منسقية المنية ــ الضنية. منذ نحو الأسبوع، عُمّمت مُذكرة داخلية تُفيد بإعفاء المُنسقية وكلّ المسؤولين الحزبيين من مهامهم
شهرٌ و12 يوماً على انتهاء الانتخابات النيابية. سمح مرور هذا الوقت، بأن تهدأ «سَكْرَة» حزب القوات اللبنانيّة بـ«انتصاره» الانتخابي، لتبدأ الورشة التنظيمية. تقييم داخلي، مُحاسبة، مُساءلة، إعفاء من مهمات. إجراءات تبدو «طبيعية»، داخل الأحزاب، لا سيّما بعد استحقاقٍ كالانتخابات. إلا أنّها أيضاً مؤشّر على وجود مُشكلة، «تُنغّص» فرحة الفوز بـ15 نائباً لـ«تكتّل الجمهوريّة القويّة». وتُناقض كلّ الدعاية القواتية، عن قوّة التنظيم الحزبي لديها. ليست المرّة الأولى، التي يثبت فيها حزب «القوات»، أنه لا يختلف عن بقيّة الأحزاب. الفارق بين «القوات» وغيره، أنّه «أدهى» بسَتْرِ مشاكله الداخلية.
بداية «النفضة» الداخلية، انطلقت من مُنسقيّة المنية ـــــ الضنية. بحسب معلومات «الأخبار»، صدر تعميم داخلي، يقضي بإعفاء مُنسقيّة المنية ـــــ الضنية ومسؤولي المكتب ورؤساء المراكز في المنطقة، من مهامهم. استقالة المُنسقية برئاسة ميشال خوري، أتت «استباقيّة وبمُبادرةٍ منه، بعد أن شعر بوجود نيّة لاستبداله». وافق رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع على الاستقالة، وأصبحت مُنسقية المنية ــــــ الضنية «بعهدة الأمين العام المُساعد لشؤون المناطق جوزف أبو جودة، إلى حين الانتهاء من إعادة الهيكلة، وتعيين مسؤولين جُدد». ميشال خوري رفض التعليق على موضوع الاستقالة، مؤكّداً أنّه لا يزال مُنسق المنية ـــــ الضنية. إلا أنّ المُقرّبين منه، يقولون إنّ خوري، لم يكن راضياً عن عمل المراكز الحزبية في المنطقة، خلال الانتخابات النيابية. وكان قد طلب «فصل أكثر من شخص، بسبب تساؤلات حول التزامهم الأخلاقي والمهني». أمّا الحديث عن إقالة أو طلب استقالة، «فمن المُستحيل أن يحصل ذلك، لأنّه يُشهد له بصيته الحَسَن وعلاقته السياسية الجيّدة مع معراب». ولكن، هنا تستدرك المصادر قائلةً إنّه، «إذا وَجَد ميشال خوري داعياً للاستقالة، من أجل أن يبقى ضميره مُرتاحاً، فهو سيُقدِم من تلقاء نفسه على هذه الخطوة، وتكون استقالة من منصبه كمُنسق وليس من القوات».
تجدر الإشارة، إلى أنّها ليست المرّة الأولى التي يبرز فيها الحديث عن استقالة ميشال خوري. ففي أيلول 2017، لوّح خوري باستقالته من المُنسقية، ردّاً على ترشيح قيادة «القوات» لمُستشار سمير جعجع، إيلي خوري عن المقعد الماروني في طرابلس. يومها، لم يجد ميشال خوري من يؤزاره، من رؤساء المراكز في المنية ـــــ الضنية، فتراجع عن قراره بعد اجتماعٍ عُقد في معراب.
الانتخابات النيابية، هي السبب الرئيسي لما يحصل في «القوات» في المنية ـــــ الضنية. المسألة تنقسم إلى قسمين: ضعف التنظيم، والاتهامات المُتبادلة باختلاسات مادية. في ما خصّ التنظيم، تقول مصادر قواتية إنّ «كلّ المُنسقين القواتيين في الأقضية، كانوا في فترة تصريف أعمال خلال الانتخابات، على أن يُستبدلوا لاحقاً. ولكن، عدم وجود رضا على أداء مُنسقية المنية ـــــ الضنية، في 6 أيار، عجّل البحث عن بدائل».
بحسب تقديرات معراب، فإن «البلوك» القواتي في الضنية يبلغ قرابة الـ4 آلاف صوت، «وكانت هناك وعود من المُنسقية، بأن تقترع نسبة كبيرة منهم، إلا أنّ نسبة التجيير لم تتعد الألف صوت». تعتبر المصادر أنّ السبب وراء ذلك «هو في دعم مُرشح (محمد الفاضل) لا يُشبه القوات، لا هو ولا تحالفه السياسي (تيار العزم). العديد من أبناء الضنية من المنتمين لحزب القوات، قاطعوا الانتخابات، لأنّهم لم يشعروا أنّهم معنيون بها». فبالتأكيد أنّه لو «دعمنا مُرشحَي تيار المستقبل، سامي فتفت وقاسم عبد العزيز، لكانت القدرة التجييرية أكبر». ولكن، إن كان فعلاً دعم محمد الفاضل يعتبر قراراً خاطئاً، فلا يجوز أن تُحمّل المسؤولية فقط لميشال خوري، لأنّ الأمينة العامة لـ«القوات» شانتال سركيس ومُدير مكتب جعجع إيلي براغيد، كانا أيضاً مُتحمسين لهذا الخيار. لماذا لا تتم مُساءلتهما؟
النقطة الثانية، التي سرّعت في إنهاء مهمات جميع المسؤولين الحزبيين في المنية ـــــ الضنية، هي الملّف المادي المُتعلق بالانتخابات، والذي تسبّب باستدعاء عدّة مسؤولين إلى معراب للتحقيق معهم. النُسخة الأولى من الرواية، تتهم المُنسقية بعدم تسليم رؤساء المراكز الأموال، التي وُعدوا بها، لقاء عملهم لمصلحة محمد الفاضل. أما النُسخة الثانية، فتتحدّث عن أنّ بعضاً من رؤساء المراكز في المناطق، وفور طلب المُنسقية دعم الفاضل انتخابياً، بدأوا تسجيل أسماء كثيرة، كمندوبين، ومنهم عدد من الحزبيين القواتيين. قام المسؤولون في القرى بذلك، من أجل أن يقبضوا الأموال على اسم المندوبين المُسجلين. عرفت القيادة بالموضوع، وبرز سؤال كيف تُسجّل أسماء قواتيين، في وقت أنّ هؤلاء يجب أن يلتزموا بخيار الحزب من دون بَدَل مادي؟ تردّ المصادر القواتية بأنّ «قصّة المال هي حلقة من حلقات الصراع الداخلي في المُنسقية، ولم يثبت أي شيء خلال التحقيق في هذا الملّف».
لم يُعرف بعد من سيكون المُنسق الجديد في المنية ـــــ الضنية. اسمان بدأ التداول بهما، أمين سرّ المُنسقية داني سرحان، صاحب الطموح القديم في الحصول على هذا المركز. والمُهندس أندرو حبيب، المُقرّب من النائب أنطوان حبشي و«زميله» السابق في جهاز التنشئة القواتية. إلا أنّ المصادر تستبعد أن يتمّ تعيين أيّ منهما في المركز.