خبر

هنا موسكو

لغة العالم الرأسمالي

شربل كريم – الاخبار

 

تترقب أندية كرة القدم الأهم في العالم «بورصة المونديال»، إذ تعلم تماماً أن سعر أيّ لاعبٍ قد يأخذ ارتفاعاً غير طبيعي في حال تألقه خلال نهائيات كأس العالم.
هي قاعدة أصبحت معروفة منذ زمنٍ بعيد، وربما المثال الأبرز على ما يتركه المونديال من أثرٍ في القيمة السوقية للاعبين، هو في حالة النجم الكولومبي خاميس رودريغيز الذي انتقل إلى موناكو الفرنسي في صيف عام 2013، قادماً من بورتو البرتغالي (استقدمه من بانفيلد الأرجنتيني مقابل 5.1 ملايين يورو عام 2010)، مقابل 45 مليون يورو، لكن بعد عامٍ واحدٍ فقط باعه فريق الإمارة الفرنسية لريال مدريد الإسباني مقابل 76 مليون يورو، إثر تألقه الكبير في مونديال 2014.

لكنّ سوق العرض والطلب والبورصة المونديالية ليسا الأهم في الحديث عن المنتخبات التي وصلت إلى روسيا للمنافسة على اللقب الغالي، إذ إن نظرة عامةً إلى قيمة لاعبيها في السوق قد تترك انطباعات حول مؤشرات المنافسة المرتقبة بالنظر إلى مجموع القيمة السوقية لكلٍّ من المنتخبات الـ 32. ومما لا شك فيه، أن من وضع فرنسا في المقام الأول للفوز بكأس العالم، لم يبالغ إطلاقاً، وخصوصاً عندما نعلم أن القيمة السوقية لمجموع لاعبي المدرب ديدييه ديشان تصل إلى 1.08 مليار يورو.

رقمٌ ضخم بلا شك يترك انطباعاً حسناً عن منتخب «الديوك»، إلى جانب معدّل الأعمار المهم، وهو 26 عاماً عند اللاعبين الـ 23 الذين اختارهم المدرب ديدييه ديشان للمهمة المونديالية (معدل الأعمار الأصغر هو لنيجيريا، ويبلغ 25.9 عاماً). وبين الرقم المالي وذاك الخاص بالسنّ، هناك انطباع ممتاز آخر يصبّ في مصلحة فرنسا، وهي أن نسبة لاعبيها الذين يلعبون في الخارج تصل إلى 69.6%. وفي هذه النقطة دلالة على عودة الفرنسيين إلى الانتشار في أهم الأندية الأوروبية التي لاحقتهم منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث عاشوا فترة ذهبية وقتذاك توّجوها بالفوز بكأس العالم عام 1998. وهذه القيمة المرتفعة للاعبي فرنسا في السوق ليست أكبر بكثير من ثاني المنتخبات قيمة مالية. منتخب إسبانيا الذي لا يتعدى عدد لاعبيه الناشطين خارج «الليغا» الـ 26%، يعيش على نجاحات أنديته، وتحديداً برشلونة وريال مدريد اللذين رفعا من قيمتهما الاقتصادية حول العالم، ورفعا من قيمة كل لاعبٍ يدافع عن ألوانهما.

وهذه المسألة طبعاً ليست حصراً على لاعبي قطبي الدوري الإسباني، إذ إن أنديةً أخرى مثل أتلتيكو مدريد بطل مسابقة «يوروبا ليغ» أعطت المنتخب الإسباني أيضاً لاعبين ذوي قيمة عالية في السوق، ليبلغ مجموع القيمة السوقية لبطل مونديال 2010 ما يصل إلى 1.03 مليار يورو.

وإذ ليس هناك ضرورة لشرح سبب وقوف البرازيل في المركز الثالث بقيمة إجمالية للاعبيها وصلت إلى 981 مليون يورو، بحكم تأثيرهم في عالم الكرة والأندية التي تخطب ودّهم، فإن ألمانيا، رغم أن 34% فقط من لاعبي منتخبها ينشطون في الخارج (مقابل 87% للبرازيل) وصلت القيمة السوقية في تشكيلتها إلى 883 مليون يورو. أما سبب هذا الرقم المرتفع مقارنةً بحجم اللاعبين الناشطين خارج «البوندسليغا» فهو الفوز بلقب المونديال قبل 4 أعوام، والذي رفع من قيمة كل اللاعبين الدوليين الألمان، وقد بقي أغلبهم ضمن خيارات المدرب يواكيم لوف في مونديال روسيا.
أما في حالة إنكلترا، فتبدو الأمور مختلفة تماماً، إذ إن منتخب «الأسود الثلاثة» هو الوحيد في المونديال الذي لا ينشط أيٌّ من لاعبيه خارج الدوري المحلي، لكن رغم ذلك، تبلغ القيمة السوقية الإجمالية لرجال المدرب غاريث ساثغايت 874 مليون يورو. ولهذا الرقم سبب مبرر، هو القيمة الاقتصادية للأندية الإنكليزية، وتحديداً أندية المقدّمة، التي تسيطر عادةً على المراكز الأولى عند كل دراسة مالية تحاكي أغنى الأندية وأكثرها ثقلاً مالياً.

لكن يبقى للانتشار الخارجي أهمية أيضاً، وهو أمر تعكسه حجم المواهب في كل بلد، وأيضاً وضع الدوري المحلي. وهنا الحديث عن بلجيكا حيث لا ضرورة لوصف الدوري الضعيف فيها، الذي لا يحمل أي تأثير في الكرة الأوروبية عامةً من خلال الأندية البلجيكية. هذا بعكس اللاعبين الدوليين، فتشكيلة المدرب الإسباني روبرتو مارتينيز تضم النسبة الأعلى (مشاركةً مع أيسلندا ونيجيريا) من اللاعبين المحترفين في الخارج، وقد وصلت إلى 95.7% (النسبة الأعلى هي للسنغال والسويد بـ 100% من اللاعبين الذين يدافعون عن أندية خارجية)، وقيمتها السوقية 754 مليون يورو، متقدّمة على الأرجنتين التي يقدّر لاعبوها في السوق بـ 710.50 ملايين يورو، أي بفارق لا يستهان به عن المنتخب الذي يليه، وهو المنتخب البرتغالي بطل أوروبا، الذي تقدّر قيمته السوقية بـ 464.50 مليون يورو.

لكن المفارقة أن منتخباً مثل إيطاليا، وآخر مثل هولندا، لم يتمكنا من التأهل إلى المونديال، لكنهما يتفوقان من حيث القيمة السوقية للاعبيهما على منتخبات تقف بين أصحاب المراكز العشرة الأولى، إذ يقدَّر المنتخب الإيطالي الحالي بـ 664 مليون يورو، ونظيره الهولندي بـ 407 ملايين يورو.

أرقام تبقى مجرد أرقام، فالأهم هي النتائج، وخصوصاً أن منتخباتٍ أخرى تأهلت إلى المونديال ولم تصل قيمتها المالية حتى إلى أرقامٍ توازي سعر لاعبٍ واحد عند المنتخبات القوية، أمثال بنما التي تبلغ القيمة السوقية للاعبيها 8.43 ملايين يورو، والسعودية التي لا يتجاوز سعر لاعبيها مجموعين 18.70 مليون يورو.