خبر

نزع فتيل «مراسيم القناصل»: وزير المال يُوقعها!

ليا القزي – الاخبار

 

بسُرعةٍ، تحرّك حزب الله على خطّ الرئاستين الأولى والثانية، من أجل حلّ أزمة إصدار مراسيم تعيين قناصل فخريين من دون توقيع وزير المال. التجاوب كان أسرع، لعدم وجود نيّة لدى الرئيس ميشال عون لتعكير العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي. الحلّ يقضي بإعادة المراسيم الـ32، ليُوقع وزير المال علي حسن خليل عليها

بين ألغام «المراسيم»، تسير البلاد في هذه الأيّام. بَدَل السؤال، «هل ستقع الحرب»؟، باتت معرفة إن كان من مرسومٍ جديد سيصدر، أمراً مشروعاً، لمعرفة إن كان البلد مُقبلاً على «أزمة» سياسية جديدة. فما أن انتهت إشكالية مرسوم الأقدمية لضباط دورة 1994، حتّى حلّت قصّة مرسوم التجنيس، لتُزاحمها فجأة مشكلة مراسيم تعيين قناصل فخريين في الخارج. النقطة المشتركة بين «المراسيم» (باستثناء مرسوم التجنيس)، هي في النقاش المستمر حول إلزامية «التوقيع الثالث» (وزارة المال)، أو إمكانية تخطّيه في حالات مُعيّنة. والانقسام يحصل، في شكل أساسي، بين فريقين. الأول، يُمثّله رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحرّ. أما الثاني، فهو رئاسة مجلس النواب ووزارة المال. إلا أنّ اللافت، أنّه في كلّ مرّة تنتهي المسألة بتسوية، تُبطل المراسيم السابقة، وتُعيد إنتاج مراسيم بديلة عليها توقيع وزير المال. أليس في ذلك، «اعترافٌ» بأنّ هذا «التوقيع الثالث» واجبٌ على كلّ المراسيم التي تصدر؟ لماذا يتمّ إذاً افتعال الأزمات، وتُوتَّر العلاقات بين الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، لتعود الأمور وتُسوّى «بالنظام»؟ السيناريو نفسه تكرّر مع قصة المراسيم الـ32، لتعيين قناصل فخريين، والتي انتهت أمس «على خير»، بعد «وساطة» من جانب حزب الله.

في 29 أيار الماضي، صدرت عن رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء ووزير الخارجية جبران باسيل، مراسيم تعيين 32 قنصلاً فخرياً، من دون توقيع الوزير علي حسن خليل عليها. ومن دون «استشارة» حزب الله وحركة أمل، بالأسماء التي يُزكّيان تعيينها في القنصليات. الحُجّة التي تسلّحت بها وزارة الخارجية، هي أنّ باسيل أرسل إلى وزارة المال، في نيسان الماضي، مراسيم تعيين 13 قنصلاً فخرياً، أقفل خليل عليها في الدُرج لورود اسم مُنسّق التيار الوطني الحرّ في ألمانيا حسن المقداد. بعد رأي هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل، التي أفتت بأنّ القناصل الفخريين لا يُرتبون أعباءً مالية على الدولة، أُرسلت المراسيم الـ32 إلى رئاسة الحكومة، ثمّ إلى القصر الجمهوري، وانطلق مسار تبليغ القناصل بتعيينهم، بلا «التوقيع الثالث» لوزارة المال.

حزب الله وحركة أمل «انزعجا» من هذا «التجاوز الدستوري – الميثاقي». اعتبر برّي الموضوع بأهمية ما حصل وقت مرسوم الأقدمية، مع تأكيد عدم تكريس «سابقة» عدم توقيع وزير المال. بدأ الضغط لدفع باسيل إلى التراجع عن المراسيم، وإحدى أدواته كانت تحضير علي حسن خليل لرسالة يوجّهها إلى السفارات الأجنبية في بيروت (اليوم)، يطلب منها عدم قبول اعتماد القناصل الفخريين. صحيح أنّ خليل سجّل الرسالة في قلم وزارة المال، ولكن خطوته تُعتبر مُجرّد «تهديد»، لأنّه قانونياً التواصل مع السفارات «حقّ حصري» لوزارة الخارجية، فضلاً عن أنّ مثل هذه الخطوة ستُسيء لـ«وجه» لبنان في الخارج، وربما كانت وظيفة الرسالة التسبب بإشكالية ما تستدعي مراجعة وزارة الخارجية وإرباك تعاملها مع الملف.

يومَا السبت والأحد، نشط حزب الله، ممثلاً بكل من المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، على الخطّ بين التيار الوطني الحرّ وحركة أمل، للخروج بحلّ يُرضي الطرفين. تقول مصادر عين التينة إنّه «وصل إلى مسامع رئيس المجلس النيابي، أنّ الرئيس ميشال عون لا يُريد خلافاً مع برّي. لذلك، تواصل باسيل مع حزب الله طالباً إيجاد مخرج». الاتفاق، الذي سيبدأ تطبيقه، اليوم، يقضي باستعادة المراسيم الـ32 جميعها، ليُوقّع عليها علي حسن خليل. وسيُقدّم حزب الله وحركة أمل لائحة بأسماء القناصل الذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية ويُزكّون تعيينهم، على أن تأخذ بها وزارة الخارجية. وبحسب مصادر دبلوماسية «هناك إمكانية لأن يبقى حسن المقداد، قنصلاً فخرياً في هانوفر (ألمانيا)، حفظاً لماء وجه التيار العوني وباسيل، إلا أنّ هذه النقطة غير محسومة بعد».
ماذا عن القناصل الذين بُلّغوا بتعيينهم؟ تردّ المصادر بأنّ «التبليغات تبقى سارية، طالما أنّ الدول المعنية لم تعترض على التعيين». أما بالنسبة إلى القناصل الذين ستُسحب أسماؤهم من المراسيم، «فيكون ذلك من خلال إصدار مرسوم جديد».