صحيفة الاخبار
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن الحزب يقاتل في سوريا بطلب من القيادة السورية، وأنه يخرج من سوريا فقط متى تطلب منه القيادة السورية ذلك. وفي مناسبة يوم القدس العالمي، توجّه برسالة إلى الصهاينة قائلاً: «عودوا من حيث جئتم»
أطّل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في يوم القدس العالمي، ليقدّم ملخّصاً عن تطوّرات الصراع مع العدو الإسرائيلي في يوم القدس العالمي. وبلا شكّ، فإن اختيار مارون الراس لإحياء الذكرى، وهي البلدة التي شكّلت رمزاً لهزيمة نخبة جيش العدو الإسرائيلي في حرب تمّوز 2006، تشكّل دلالة كبيرة في مجرى الصراع لقربها من فلسطين، ورسالة اختصرها نصرالله بالقول إنها «روح التحدي».
انطلق نصرالله شارحاً هدف الإمام الخميني من وراء إعلان يوم القدس، لـ«تبقى قضية القدس حاضرة في وجدان الأمة ويتضامن معها كل شعوب العالم، فالقدس هي حقيقة وجوهر الصراع الذي يدور منذ أكثر من 70 عاماً ورمزه وعنوانه». والأخطر بنظر نصرالله هذا العام، هو «الحديث حول صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتسليم القدس والمقدسات للكيان الغاصب». واعتبر أن القدس «اليوم أمام تحديات ثلاثة، أولها معركة ألا تعترف دول العالم بها عاصمة لإسرائيل وألا يستسلموا للقرار الأميركي، التحدي الثاني هو الديمغرافيا وتغيير الهوية السكانية للمدينة المقدسة، والثالث يتعلق بالمقدسات وهنا الرهان على المسلمين والمسيحيين في المدينة». وأكد أن «الرهان الأساسي هو على بقاء سكان القدس في منازلهم ومدينتهم، وحكومة العدو عجزت عن تحقيق أي تغيير في البنية الديمغرافية للقدس على رغم محاولاتها على مدى سنوات»، وقال إن «من يحمي هوية المدينة ومقدساتها هم المقدسيون بالدرجة الأولى على رغم كل أوضاعهم القاسية، والواجب على بقية المسلمين في العالم مساعدة المقدسيين بالمال لكي يصمدوا في المدينة». وكشف أن «بعض العرب من الخليج يعمدون إلى شراء منازل من المقدسيين بدل مساعدتهم على البقاء، عُرض على أحد المقدسيين مبلغ 20 مليون دولار مقابل شراء منزله وهذه صورة عن المؤامرة ضد القدس»، مؤكّداً أن «مساعدة المقدسيين بالمال للصمود هو خط الدفاع الأول عن القدس».
وأشار نصرالله إلى أن أخطر ما يحصل اليوم هو التأويل الديني والمبررات التي تصدر من الخليج وتعطي حقّاً للصهاينة في القدس، لافتاً إلى أن «ما يحصل مع القدس اليوم يشبه فتاوى وعاظ السلاطين في قضية قيادة المرأة للسيارة في السعودية»، مشدّداً على أن «مسؤولية العلماء ووسائل الإعلام وكل صاحب قلم هي مواجهة الفكر التحريفي لقضية القدس». ولفت إلى أن الأعداء «يراهنون على انقلاب الأولويات لدى أجيالنا وهنا تكمن معركتنا أي تحصين بيئتنا الاستراتيجية، فالغالبية الساحقة من عشرات الآلاف التي تتوجه إلى السياج الحدودي هم من الشباب وهذا مؤشر إيجابي»، وأن «الشعب الفلسطيني كله من قيادات سياسية وفصائل وشباب يتعرضون لضغوطات هائلة للقبول بصفقة القرن لكن هذا الشعب لن يتنازل عن قضيته».
واعتبر أن خروج العديد من المسيرات والفعاليات المختلفة في إيران وتركيا والهند وأفغانستان ونيجيريا وتنزانيا وعدد من الدول في أوروبا الشرقية والغربية وعدد كبير من دول أميركا اللاتينية وكندا دليل على أن القضية حية حتى خارج العالم العربي، مؤكّداً أن «كل مكان في العالم العربي يقع تحت ضغط المحور الأميركي الإسرائيلي السعودي ممنوع عليهم حتى التنفس في أي موضوع يتعلق بالقدس». وفيما أكّد أن «الأنظمة العربية منعت خروج الشعوب إلى الساحات ضد قرار ترامب»، حيّا نصرالله الشعب اليمني ومدن اليمن التي خرجت فيها تظاهرات صنعاء وصعدة وحديدة، التي تواجه أكبر حشد أميركي وعدواني لإسقاطها، مؤكّداً أن «اليمنيين هم العرب الحقيقيون لا الدجالون الذين يقتلون الأطفال والنساء». وأشار إلى أن «نظام البحرين يتجه إلى مزيد من التطبيع وصولاً للإعلان أن لإسرائيل الحق في أن تدافع عن نفسها في الجولان».
وأكّد أن إيران ما كانت لتواجه «كل هذا العداء الأميركي الإسرائيلي الخليجي لو أن الإمام الخميني تخلى عن فلسطين»، وأن «الجهمورية الإسلامية مع الإمام الخميني والخامنئي تؤكد منذ 39 عاماً موقفها المطلق والحازم بالوقوف مع الشعب الفلسطيني». واعتبر نصرالله أن «كل من يعادي إيران من الطبيعي أن يجد نفسه حليفاً لإسرائيل، وشعوبنا معنية لأن لا تسمح لأميركا وإسرائيل بتحويل إيران إلى عدو»، وقال للذين «يراهنون على إسقاط النظام الإسلامي في إيران أقول لهم إن رهانهم أوهام وسراب، والشعب الإيراني الذي يقرأ القرآن والأدعية باللغة العربية لساعات تمسكاً بدينه وقائده لن يتخلى عن النظام الذي بناه بآلاف الشهداء».
وعن العراق، قال إن «داعش التي جاءت بها أميركا وإسرائيل والسعودية هزمها العراقيون ونرى اليوم عروضات عسكرية في يوم القدس العالمي في بغداد»، وأن «موقف المرجعية في النجف الأشرف موقف تاريخي وتقليدي ومعروف، والعراق الذي أرادته هذه القوى بلداً محتلاً لم ولن يكون كذلك».
أما حول سوريا، فأكد أنها «تعرضت لحرب كبرى استخدمت فيها كل الوسائل واليوم المساحة الكبرى من سوريا أصبحت آمنة، والإسرائيليون أكدوا قبولهم أي حل غير بقاء الرئيس بشار الأسد». وحول التطورات الأخيرة والتصريحات التي يخرج بها قادة العدو، قال نصرالله إنه «الآن أصبح العدو الإسرائيلي يتحدث أن المعركة في سوريا باتت إخراج إيران وحزب الله من سوريا»، مؤكّداً أنه «على الصهاينة أن يعترفوا بهزيمتهم وفشلهم في سوريا». وكرّر أنه «ذهبنا إلى سوريا لفهمنا أن ما يجري هو مؤامرة تستهدف كيان وشعب سوريا ومحور المقاومة وللدفاع عن عمود المقاومة في المنطقة، ولم نذهب إلى سوريا من أجل مشروع خاص في الشؤون الداخلية السورية». ونفى أن يكون لحزب الله أي مشروع خاص في سوريا على الإطلاق، و«نحن موجودون في سوريا حيث يجب أن نكون موجودين فحسب، بناء على طلب الحكومة السورية، وعندما ينجز الهدف في سوريا سنعتبر نفسنا انتصرنا بمساهمتنا في الانتصار السوري الكبير على الحرب الكونية، وعندما تنهار الجماعات المسلحة في سوريا عندها نعتبر أنفسنا أنجزنا المهمة والانتصار وسنكون سعداء عندما نستعيد شبابنا ورجالنا إلى قراهم وعائلاتهم في لبنان ونشعر بالنصر وأننا أنجزنا المهمة في سوريا». وفي الوقت نفسه الذي أصرّ فيه نصرالله على القول إن خروج الحزب مشروط بطلب من القيادة السورية، أكّد أنه «لو اجتمع العالم كله ليفرض علينا الخروج من سوريا فلن يستطيع إخراجنا». وختم بالقول إن «القدس ستتحرر وستعود لأهلها وهذا إيمان قطعي وعقائدي وتاريخي»، موجّهاً رسالة إلى «الصهاينة الغزاة المحتلين اركبوا سفنكم وطائراتكم وعودوا من حيث جئتم»، و«يوم الحرب الكبرى قادم وهو اليوم الذي سنصلي فيه جميعاً في القدس».