رنا سعرتي – الجمهورية
ما زالت قضية المحروقات المهرّبة من سوريا، وعبر المعابر البرية تحديداً، تتفاعل في الاوساط اللبنانية، بعدما كشف وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، عن تهريب كميات من البنزين من سوريا تبلغ نحو مليون ليتر يوميا، أي ما يعادل 50 ألف صفيحة.
اللافت في الامر، بالاضافة الى نوعية المحروقات غير المطابقة للمواصفات والمضرّة بالصحة والبيئة، هي الفلتان الامني والجمركي القائم على المعابر البرية بين البلدين، وسهولة إدخال ما يصل الى 100 صهريج يومياً من سوريا الى لبنان، بطريقة شرعية تقنياً، ولكن بصفة غير شرعية فعلياً.
في هذا الاطار، أوضحت مدير عام وزارة الطاقة والمياه اورور فغالي لـ»الجمهورية» انه منذ حوالي الاسبوع تقريباً بدأت كميات البنزين والمازوت المهرّبة من سوريا، تغزو الاسواق اللبنانية، آتية من منطقة الهرمل البقاعية، لتصل مؤخرا الى محطات المحروقات في بيروت بعد ان غزت محطات المحروقات في البقاع وعكار.
ولاحظت فغالي في الفترة الاخيرة تراجع كميات المحروقات المستوردة من قبل الشركات المستوردة للنفط في لبنان، وقد تأكدت من تجمّع الشركات ان جزءاً من المحطات الحرّة أي تلك التي لم توقع عقوداً لشراء النفط من شركات عالمية، لم تعد تشتري البنزين والمازوت من الشركات المستوردة في لبنان.
وقالت انه كان يمكن كشف البنزين السوري المهرّب من خلال رائحته الكريهة، إلا ان المحطات التي تستعمله بدأت تعمد الى خلطه مع البنزين اللبناني، لكي تقضي على رائحته الكريهة وتغشّ المستهلكين.
واشارت فغالي الى انه بالاضافة الى الضرر الصحي والبيئي الناتج عن البنزين السوري الذي يحتوي على نسبة كبيرة من الكبريت، فان الاضرار مالية ايضا، حيث تصل خسارة خزينة الدولة عن كلّ صفيحة بنزين مهرّبة، إلى 10 آلاف ليرة لبنانية، ليبلغ اجمالي الخسائر نتيجة عملية تهريب البنزين من سوريا، الى 500 مليون ليرة يومياً.
وذكرت فغالي انها ابلغت المجلس الاعلى للجمارك بشكل رسميّ بالموضوع، كما طلبت من مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة عليا عباس ارسال مراقبين الى محطات المحروقات، وتواصلت مع المحافظين من اجل ارسال مراقبين عن الصحة التابعين لهم، وتنتظر احصاءات من تجمّع شركات المستوردة للنفط حول المحطات التي توقفت عن شراء المحروقات في هذه الفترة.
واكدت ان الجهات المعنيّة بهذا الملف من مديرية الطاقة، مصلحة حماية المستهلك، المجلس الصحي في المحافظات، بالاضافة الى الجمارك والجهات الامنية المختصّة، مولجة جميعها ضمن صلاحياتها ومسؤولياتها، معالجة هذا الملف.
جعجع
وانتقل ملف تهريب المحروقات امس، الى المستوى السياسي بعدما دخل على خط الفضيحة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فأصدر بيانا، طالب فيه السلطات بوقف عمليات التهريب الجارية. وجاء في البيان: تبين «أن عشرات من صهاريج المحروقات تتراوح ما بين 50 إلى 100 صهريج يوميا، تهرب من سوريا إلى لبنان عبر الحدود الشرقية والشمالية مما يتسبب بخسارة للخزينة اللبنانية تقدّر بمئات آلاف الدولارات يوميا وبالتالي بعشرات ملايين الدولارات سنويا».
اضاف: «إن لبنان يبحث في آخر أصقاع العالم على مساعدات لكي يدعم ميزانيته العامة واقتصاده الوطني في الوقت الذي تضيع من بين أيدينا عشرات ملايين الدولارات سنويا، لذا نتمنّى على وزير المال علي حسن خليل بصفته وزير الوصاية على الجمارك اللبنانية أن يفتح تحقيقا فوريا في القضية ويحدد المسؤوليات ويوقف عمليات التهريب الجارية. كما نتمنى على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري إعطاء التعليمات اللازمة والواضحة إلى قيادة الجيش اللبناني من أجل إقفال المعابر غير الشرعية التي تتم عبرها عمليات التهريب».