خبر

عن المستوزرين.. ومطالب «أبو حسين»!

نبيل هيثم – الجمهورية

 

 

دخل تكليفُ سعد الحريري تشكيلَ الحكومة أسبوعَه الثالث، ولا ملامح في الأفق السياسي لأعراضِ مخاضٍ جدّي، أو حتى أعراضٍ جانبية تُنبئ بولادةٍ وشيكةٍ للحكومة.
الحريري «داعس بنزين»، هو يعرف أنّ مهمّته صعبة بمطبّات، وطلعات، ونزلات، وعقد، وتباينات، وفجَع على الحقائب، ولذلك قرّر أن يأخذ وقته ليبنيَ تصوّراً أوّلياً لحكومته بعدما حسم أنها ثلاثينية. على أمل أن يجنيَ سريعاً ثمارَ عمله. لكنّ العقدة تكمن في تناقضات تتجاذب خط التأليف، وتساهم بتطويل أمده:

– مستوزرون يتوالدون في الموسم الحكومي، فيحجّون الى الصالونات السياسية ببذلات جديدة وربطات عنق معقودة على المسطرة، لعلّهم يصابون بضربة حظٍّ فيقع عليهم الاختيارُ للدخول الى الجنّة الحكومية.
– سماسرة مواعيد، يزدهر موسمُهم في الاستحقاقات، وظيفتُهم تأمين تذاكر دخول مدفوعة سلفاً لمَن يرغب في تقديم الطاعة في صالونات السياسيين.
– مبالغون في تقدير أنفسهم، فيحجزون حصتهم في الحكومة. على اعتبار أنهم الأجدر والأكفأ والأحقّ في التمثيل، فقط لأنهم حصّلوا في الانتخابات نائباً أو نائبين زيادة.
– مُنتَشون بما يعتبرونه انتصاراً انتخابياً، يريدون صرفَه بما يطيب لهم من وزارات يحلّلونها عليهم ويحرّمونها على غيرهم.
– متقاتلون على جبنة الحكومة؛ هذا يأخذ قضمة «سيادية»، وذاك قضمة «خدماتية»، وذلك قضمة «مدهنة»، من دون أن ينسى التصويب على مركز نائب رئيس الحكومة، كأنه حقٌّ حصريُّ له!
– الغائيّون، محكومون بعنجهيّة مفرطة، همّهم تنفيس «الانتصارات» والمعنويات، وتحويل خصومهم مع نوابهم الى مجرّد حالاتٍ رقميّة بلا فعالية، يُمَنُّ عليها بالفتات الوزاري.
– صيادو فرص مزهوّون بانتفاخٍ عددي، رسموا لأنفسهم سقوفاً عالية، فيقفزون منها فوق الدستور والصلاحيات ويطرحون صيغاً حكومية يعتبرونها ملزمة للرئيس المكلف، لهم فيها حصة الأسد من الحقائب، مضافة اليها الحقائب ذات اللون الرئاسي.
– متناقضون سياسياً، ومختلفون على الأساسيات ولا يلتقون حتى على البديهيات، لا يتورّع بعضُهم عن المناداة بعزل أطراف سياسية متناسياً أنّ هذا العزل أشبه ما يكون بعبوة ناسفة لكل التركيبة اللبنانية.

أمام هذا الصورة الهزلية الكاريكاتورية، كيف يمكن لحكومة أن تولد في هذه الأجواء؟

بعض السفراء طرحوا استفساراتٍ من هذا القبيل وتحديداً حول مهمة الحريري. مع التأكيد على أن يلقى الحريري دعمَ كل الأطراف وتسهيلاً لمهمته. ومن هؤلاء مَن وجّه نصيحة للحريري بألّا يعتمد السرعة التي تؤدّي الى عثرات وسقطات، بل اعتماد التروّي والتأليف الهادئ ولو تطلّب ذلك بعض الوقت».
صورة البازار الحكومي لا تبشّر بحكومة سريعة، وبحسب سياسي معروف بظرفه وبحسّه الفكاهي: الحريري ما يزال في فترة السماح، لكنّ الأيام القليلة المقبلة حاسمة على صعيد بتّ بعض الأمور، بين الحريري وحلفائه الجدد والقدامى.

يؤكد السياسي المذكور كلهم مضطرون للتعجيل بالحكومة مع أنها «لن تشيل الزير من البير». المطالب التعجيزية والسقوف العالية مجرّد كلام. فتشكيلُ الحكومة اليوم، يختلف عن تشكيل حكومات ما بعد 2005. يستطيع أيٌّ كان قول ما يريد وطلب ما يريد، ولكنه لن يحصل على ما يريد. بل في أحسن الأحوال على جزءٍ يسيرٍ جداً ممّا يريد، وسيقبل بما يُعطى له وسيتراجع عن كل ما طالب به، فحال هؤلاء كحال «صاحبنا أبو حسين»؟!

ويكمل: «أبو حسين «زاعل» أم حسين في أحد الأيام، بعدما طلب منها أمراً تبيّن أنه اقوى منها ولا تستطيع أن تلبّيه. ومع ذلك اصرّ عليه أبو حسين.
مرّ اليوم الأول، والثاني، والثالث ولم يتكلّما مع بعضهما البعض. وفي اليوم الرابع حنّ أبو حسين لأم حسين، فاقترب منها وحاول مراضاتها بطريقة لا تُظهره مكسوراً وقال: «أنا أتقدّم منكِ «فشخة» وأنت تتقدّمين مني «فشخة» ونتصالح. لكنّ أم حسين لم تعبّره بكلمة وظلّت صلبة ونفخت «مناخيرها» طلوع».

وفي اليوم التالي عاود أبو حسين الكرّة، وحاول من جديد مراضاة أم حسين وقال لها: طيب أنا أتقدّم «فشختين» وأنتِ تتقدّمين «فشخة» واحدة ونتصالح. فلم تتأثر أم حسين وفشّلته وظلّت مثل الحجر.

فكّر أبو حسين قليلاً وعرف ما هو مطلوب منه ليفعله، إذ عاد الى أم حسين وقال لها : إبقي مكانك ولا تتقدّمي أيَّ فشخة.. الله يلعن الشيطان.. أنا الغلطان». هنا رضيت أمُّ حسين وتصالحا.