خبر

عون لحكومة 26 ضمنها الأقلّيات… والراعي: الجميع ينتظرها غير عاديّة

صحيفة الجمهورية

 

 

على الرغم من الدعوات المتلاحقة على مختلف المستويات السياسية الداخلية إلى الإسراع في تأليف الحكومة، فإنّ حراك المعنيين لم يرقَ بعد إلى مستوى ترجمة هذه الدعوات عملياً، بل إنّهم في جانب من تصرّفاتهم يبدون وكأنّهم ينتظرون شيئاً ما داخلياً أو في الخارج قبل الإقدام على توليد التشكيلة الوزارية، سواء أكانت تضم 32 وزيراً أو 30 أو 26 ، الرقم الذي يقال أنّ رئيس الجمهورية طرَحه خياراً أمام الرئيس المكلّف يمكن من خلاله تمثيل الأقلّيات طالما إنّه لا يحبّذ تشكيلة الـ 32 وزيراً المقترَحة رئاسياً لغاية تمثيل الأقلّيات (العلويين والسريان) بوزيرين.
على رغم الأجواء التفاؤلية التي يشيعها الرئيس المكلّف سعد الحريري مؤكّداً أنه سيشغّل محرّكاته وأنه «داعس بنزين على أعلى سرعة»، لم يشهد مسار التأليف الحكومي أيَّ حراك او اتّصالات معلنة، منذ عودته من الرياض. إلّا أنّ مصادر تيار «المستقبل» أكّدت لـ»الجمهورية» أنّ «المشاورات لا تزال في بداياتها وهي مستمرّة، وأنّ المرحلة الآن هي مرحلة الموازنة بين طموحات الجميع وضرورة تأليف الحكومة». وذكّرت بأنّ الرئيس المكلّف حسَم أمس موضوع حجمِ الحكومة بتأكيده أنّها «ستكون ثلاثينية».

الحريري
وأكّد الحريري مساء أمس تفاؤله بالتوصّل إلى فريق عمل حكومي «يضع مصلحة البلد قبل المصالح الخاصة والمصالح الحزبية»، معتبراً «أنّ التحدّيات الاقتصادية التي أمامنا، ومخاطر الاشتباك الإقليمي، وأعباء النزوح السوري، لا تعطي أحداً منّا حقوقاً في تضييع الوقت، وممارسة الترفِ السياسي، وعرضِ العضلات».

وقال الحريري خلال الإفطار الرمضاني الذي أقامه تيار «المستقبل» على شرف قطاع المهَن الحرة فيه: «إنّ تأليف الحكومة مسؤولية مباشرة عليّ وعلى فخامة الرئيس ميشال عون، والقوى السياسية معنية بتقديم اقتراحاتها وتسهيل مهمّة التأليف، والوصول الى صيغة وفاقِ وطني، قادرة على تحقيق الإصلاحات الإدارية، ومكافحة كلّ وجوه الهدر والفساد، وتوجيه رسالة الى جميع الأشقّاء والأصدقاء في العالم، مفادها أنّ لبنان يستحقّ الدعم».

30 أم 26؟
في الموازاة، قالت مصادر متابعة لعملية التأليف لـ»الجمهورية»: إنّ الأمور لا تزال تتمحور بين طرح الحريري حكومةً ثلاثينية وطرحِ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اتّجاه أن تكون من 32 وزيراً لكي تضمّ مقعداً وزارياً للطائفة العلوية وآخر للسريان، كذلك فإنّ أمام الرئيس المكلف خيار حكومةٍ تضمّ 26 وزيراً تكون مناصفةً؛ 13 وزيراً للمسيحيين بينهم وزير للسريان، و13 وزيراً للمسلمين بينهم وزير للعلويين، وهذا الخيار لا يزال قيد البحث» .

بين الرياض وجدّة
وفي حين توقّعت مصادر متابعة أن تنشط الاتصالات والمشاورات بعد عودة الحريري من موسكو التي سيتوجّه إليها قريباً حيث يشارك في الاحتفال بافتتاح مونديال روسيا 2018 الخميس المقبل، استغرَبت مصادر «المستقبل» الحديثَ عن وجود استياء لدى الحريري من عدم تمكّنِه من الاجتماع مع أيّ مسؤول سعودي أثناء وجوده في الرياض منذ أيام. وقالت لـ»الجمهورية» إنّ «الحريري قصَد الرياض في زيارة خاصة محض، ومكثَ مع عائلته لأيام مع عِلمه المسبق بأنّ القيادة السعودية تقيم في مدينة جدّة خلال شهر رمضان» .

الراعي
في غضون ذلك واصَل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دعوته الى الاستعجال في تأليف الحكومة وإنقاذ الوضع، وقال: «الجميع في الداخل والخارج ينتظرها حكومةً موصوفة، غير عادية، قادرة على إجراء الإصلاحات في الهيكليات والقطاعات التي التزَم بها لبنان في مؤتمر باريس – CEDRE المنعقد في 6 نيسان الماضي، وأريدَت هذه الإصلاحات «شرطاً بدونه لا» للحصول على المساعدات المالية المقرّرة، من هبات وقروض ميسّرة».

سعد
وفي المواقف، أكّد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي سعد لـ»الجمهورية» أنّ «القوات اللبنانية» ستكون في صلب الحكومة وداعمةً للعهد وتقف في وجه كلّ من يحاول تشويهَه أو إغراقه في الفساد من أجل النيل منه». وقال: «إنّ الذي يقف ضدّ العهد هو من يُغرق البلاد في الفساد، بينما «القوات» مستمرّة في مسيرة مكافحة الفساد من أجل المواطنين، خصوصاً أنّ الوضع لم يعد يحتمل مِثل ممارسات كهذه».

وعن تأليف الحكومة، أكّد سعد «أنّ «القوات» متمسّكة بحقّها، وهناك «إتفاق معراب» الذي ينصّ على المناصفة مع «التيار الوطني الحرّ» والذي وقّعه رئيسه الوزير جبران باسيل، والمناصفة تعني هنا الشراكة في كلّ شيء وليس المحاصَصة».

رعد
واعتبَر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد: «أنّ الانتخابات كشفَت الأوزان والأحجام الحقيقية للكتل النيابية»، وأشار إلى أنه «بحسبِ اطّلاعنا ومعرفتنا بالعقَد التي لا تزال ماثلة أمام التأليف فإنه لا يجوز بعدُ تأخيرُ الحكومة إلى أسابيع وأشهر». وقال إنّ «الحكومة نستطيع إنجازَها وتشكيلها على الأقلّ بعد الأعياد، والبلد لم يعد يتحمّل أيَّ تأخير في معالجة قضاياه وأزماته وأوضاعه». وأكّد «الانفتاح إيجاباً على التعاون من أجل الإسراع في حلّ العقد»، داعياً الجميع «إلى النظر بعين الواقع والمصلحة الوطنية لا النظر بعين الطموح والآمال والأوهام في بعض الأحيان».

فرنجية
وطالب عضو «التكتل الوطني» النائب طوني فرنجية «بتمثيل وازن يليق بـ«التكتل»، ودعا إلى «الإسراع في تأليف الحكومة، التي تنتظرها ملفاتٌ طارئة»، وأملَ «من الحكومة الجديدة الإسراع في العمل على الملفات العالقة»، وطالبَ «بتمثيلٍ يكرّس عناوين برنامجنا الانتخابي وخصوصاً في ملف محاربة الفساد». وقال: «في هذا الملف، نحن رأس حربة، وملف البواخر وغيرُها من الملفات خير دليل».

مرسوم التجنيس
في هذا الوقت ظلّ مرسوم التجنيس موضعَ اهتمام، ويَعكف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على التدقيق في أسماء المجنّسين.
وفيما كان هناك اتّجاه الى نشرِ المرسوم على موقع الامن العام الالكتروني اليوم الخميس، علمت «الجمهورية» من اللواء ابراهيم أنه يتريّث في نشره لكي لا ينعكس نشره سلباً على مسار التحقيقات التي يقوم بها، وهو يدعو الى سحبِه من التداول بغية إنجاحِ مهمتِه، خصوصاً وأنّ غالبية الاتصالات التي ورَدت الى الأمن العام على الأرقام المعمّمة لم يكن لها علاقة بأزمة المرسوم، وإنّما تركّزت على مراجعات شخصية، وسيُعلن اللواء ابراهيم عن الخطوات اللاحقة في مراحلها.

برّي
من جهة ثانية، استنكر رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حوار مع وكالة «سبوتنيك» الروسية، الدعوات إلى انسحاب «حزب الله» وإيران من سوريا، واعتبَرها «أمراً مستبعداً حاليّاً نظراً إلى استمرار الأوضاع الراهنة في هذا البلد». وأشار إلى «أنّ إيران موجودة في سوريا بناءً على طلب من الدولة السورية، تماماً كما أنّ الوجود الروسي في سوريا قد جاء بناءً على طلب من الحكومة السورية». وقال: «إنّ حزب الله في بلده سوريا لأنه لو لم يكن موجوداً هناك، لكان «داعش» قد أصبح في لبنان». وأشار إلى «أنّ الحزب لن ينسحب من سوريا حتى تتحرّر وتصبح أراضيها موحّدة».

واعتبر بري «أنّ اللاجئين السوريين في لبنان أخوة لنا وليسوا بغرباء، فلبنان وسوريا كانا ولا يزالان توأماً، وبالتالي فإنّ ما يَحدث في سوريا يؤثّر على لبنان، وأيّ تقسيم لسوريا هو إعادة رسم لخريطة المنطقة، تماماً كما حدث في (اتفاق) سايكس- بيكو».

ملفّ النازحين
وفي هذه الأجواء قفز ملفّ النازحين السوريين إلى الواجهة مجدّداً، ودعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دولَ الاتحاد الاوروبي إلى «مساعدة لبنان من خلال إقناع الدول الاوروبية بالعمل لتحقيق عودتِهم الى بلدهم، والحدِّ من الخسائر الكبيرة التي أصابت لبنان اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً نتيجة استمرار بقائهم على أراضيه» .

في الموازاة، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» أنّ «المراجع اللبنانية المدنية والعسكرية أبدت اهتماماً خاصاً بهذه العودة، في مقابل اهتمام المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة ولكن على طريقتها، وأبدى لبنان تحفّظَه عن سياسة المفوّضية تجاه هذا الملف». وأضافت: «بدا لافتاً أنّ المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين تهتمّ بالموضوع على طريقتها، وهي تتولّى إجراءات العودة من عرسال الى الفليطة وبلدات مجاورة لها، وتعمد المفوّضية الى تسجيل أسماء الراغبين بالعودة بعد لقاء الأب والأم والبالغين من كلّ عائلة وتوجيه سلسلة أسئلة إليهم تثير ريبتهم وتدفعهم الى عدم العودة».

وتحدَّثت الوكالة عن لقاءات تحصل في مركز المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في مبنى البلدية القديم في عرسال بين السوريين وفرَق عملِ المفوضية الذين يكثّفون حضورَهم في المنطقة، وهم يَعمدون الى سؤال أفراد العائلات مجموعة أسئلةٍ تجعلهم يغيّرون رأيهم بالعودة، ومن بين الأسئلة، إن كان النازح يَعلم أنه في بلده بلا رعاية أمميّة، وأنّ الشبّان سيَخدمون في الجيش السوري، وأنّ منزله قد لا يكون صالحاً للسكن، وأنّ المساعدات الأممية ستتوقّف عنه، وأنّ أرضَه ربّما ليست صالحة للزراعة، وأن لا عمل لديه في سوريا وأنه قد لا يتمكّن من تأمين لقمةِ عيشِه».

وأشارت إلى أنه «بعد هذه الأسئلة كلّها التي توجَّه الى النازح الراغب بالعودة فإنّ الغالبية تغيّر رأيَها، خصوصاً أنّ الأسئلة التي توجَّه الى النازحين مثيرة للجدل وتدفَع الأشخاص الذين توجَّه اليهم الأسئلة بطريقة لائقة الى التراجع عن العودة، خوفاً من كلّ تلك الأمور التي يتمّ إعلامهم بها لدى تسجيل اسمائهم في المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين، الأمر الذي يُعرقل العودة الطوعية».

وحسب الوكالة أيضاً، فإنّ النازحين شعروا «بأنّ المسؤولين في المفوّضية لا يريدون للنازحين أن يعودوا إلى سوريا، كما أنّهم ليسوا ضد عودتهم، وأنّ المفوضية تعمل بأسلوب أممي لتأمين حقوق النازح لدى عودته، ولكن الطريقة المستعملة لن تحرّك أيَّ نازح من لبنان».

قزّي
وقال الوزير السابق سجعان قزي لـ«الجمهورية»: «لا بدّ من تقدير الموقف السياسي الذي يتّخذه رئيس الجمهورية ووزير الخارجية حيال موضوع النازحين، وأعتقد أنّ اللبنانيين إذا كانوا منقسمين حول ألف موضوع وموضوع فالجدير بهم ان يُجمعوا على ضرورة إعادةٍ فورية للنازحين الى بلادهم، خصوصاً وأنه باتت هناك مناطق آمنة أكثر من المناطق غير الآمنة في سوريا، أكان في جنوب البلاد أم في شمالها أم في غربها أم شرقها. وبالتالي فإنّ تنسيق لبنان مع الأمم المتحدة عبر المفوّضية العليا للنازحين أمرٌ جيّد، ولكن لا نستطيع التعويل كثيراً على هذه المؤسسة التي عنوانُ عملها هو دمجُ النازحين بالمجتمع اللبناني عوَض إعادتِهم الى بلدهم تحت ذرائع إنسانية. لذلك يُفتَرَض بالدولة اللبنانية أن تبادر الى وضعِ برنامج من جانبها وتنفّذه، سواء أرادت الأمم المتحدة أم لم تُرد، وإلّا سنبقى ننتظر سنوات وسنوات مثلما حصَل مع اللاجئين الفلسطينيين».