خبر

حبيب الصايغ.. الأب الشرعي للقصيدة الإماراتية الحديثة

رحل الشاعر والصحافي والكاتب الإماراتي، حبيب الصايغ، الثلاثاء، بعد معاناته من متاعب صحية مختلفة، وهي وإن أدت إلى وفاته المبكرة، عن 64 عاماً، إلا أنها لم تؤثر على نشاطه الأدبي والصحافي، بل على العكس، كان يستجيب لهاجس الإبداع والعمل، أكثر من استجابته لنصائح الأطباء، بحسب ما نقل عارفوه، في الساعات الأخيرة، بعد نبأ وفاته الذي هز الوسط الأدبي، فتداعي طيف واسع من أركانه، للتعبير عن بالغ الحزن لرحيل من سبق وتم وصفه بأنه الأب الشرعي للقصيدة الإماراتية الحديثة.

ولد حبيب الصايغ في أبوظبي عام 1955، ويجمع في تحصيله الأكاديمي، ما بين الآداب والفكر الفلسفي، حيث يحمل شهادة الماجستير في اللغويات الإنجليزية والعربية والترجمة، من جامعة لندن، عام 1998، وسبقها بحصوله على إجازة في الفلسفة، عام 1977.

يوقع أحد كتبه
بار بني عبس!

وما كاد الصايغ ينتهي من تحصيله الجامعي الفلسفي، نهاية سبعينيات القرن الماضي، حتى أصدر ديوانه الشعري الأول، والمعروف باسم (بار بني عبس: الدعوة عامة) عام 1980. ثم تلاه بديوان ثانٍ هو (التصريح الأخير للناطق باسم نفسه) عام 1981، و(قصائد إلى بيروت) عام 1982. لتتوالى بعدها دواوينه الشعرية التي جمعت بين العمودي والتفعيلي والنثري، تباعاً، ما بين عامي 1983 و1995، وصولاً إلى عام 2011 الذي أصدر فيه ديوان (رسم بياني لأسراب الزرافات).

وسبق وصدر له ديوان: (ميارى) عام 1983، ثم (الملامح) عام 1986، و(وردة الكهولة) عام 1995 و(غد) في ذات العام.

عالم حبيب صايغ الشعري، بحسب دراسات نقدية عديدة، مزيج من موروثات عربية مختلفة مضافاً إليها روافد الأدب الغربي، ما بين القديم والجديد، خاصة وأن الصايغ، في تجربته الأدبية، كان مسبوقاً بقصيدة إماراتية تقليدية لها وزنها في الشعرية العربية المعاصرة، كقصائد الشاعر مانع سعيد العتيبة (1946- ...)، وعارف الشيخ (1952- ...) وأحمد أمين المدني (1931-1995) للميلاد.

أب شرعي للقصيدة الإماراتية الحديثة

وكان للتغييرات الشعرية العربية الحديثة، أثرها في جيل واسع من أدباء الإمارات، فتعرّف القارئ العربي على طيف من هذا الجيل الجديد، كميسون صقر القاسمي ونجوم الغانم وثاني السويدي وإبراهيم الملا وظبية خميس، كان حبيب الصايغ وسط هذا الجيل، مع فوارق زمنية وأسلوبية معينة، يعتبر ما وصف بالأب الشرعي للقصيدة الحديثة فيه.

وقامت مجلة (الرافد) الإماراتية، في عام 2000، بنشر مجموعة دراسات عبر ملف عن شعراء الإمارات، ورد فيه أن حبيب الصايغ هو الأب الشرعي للقصيدة الإماراتية الحديثة.

وكان الصايغ إلى جانب حياته الأدبية الكاملة التي يحياها كشاعر، في جميع تفاصيلها، صحافيا وكاتباً وإداريا، يجمع بين كتابة الرأي في الصحف، ومهام رئاسة التحرير، وكذلك عمله رئيسا لمجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.

جائزة الدولة التقديرية

وكانت الدولة الإماراتية قد منحت الصايغ جائزة الدولة التقديرية في الآداب، قبل أن يفوز بجائزة العويس، في الشعر، باعتباره أحد رواد الحداثة الشعرية في الخليج العربي.

ويشار إلى أن عدداً من دواوين الصايغ قد ترجمت إلى لغات أجنبية، كالإنجليزية والفرنسية والصينية والإسبانية. وهو شاعر معروف على صعيد واسع في العالم العربي، خاصة من داخل الأوساط الثقافية والأدبية والصحافية.

وإثر الإعلان عن وفاته، نعاه ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قائلاً إن الإمارات فقدت برحيله، قامة أدبية وثقافية رفيعة، واصفاً الراحل بأنه صاحب القلم المبدع الذي أثرى المشهدين الإماراتي والعربي، على حد سواء.