خبر

ما لا تعرفه عن "الثقافة"!

قرأت ما أجاد به الأستاذ عبود عطية في مقالته التي نُشرت في العدد الأخير مارس/أبريل 2019 بعنوان "الثقافة وخلافها" وقد أدركت أهمية ما طرحه وبيّنهُ وناقشه.

فنحن حينما ننظر إلى مفهوم الثقافة كما وصفه إدوارد تايلور بأنه ذلك الكل المركَّب من الفنون والأخلاق والعادات... إلخ. نجد أنه وصفه في أول جملته بأنه الكل المركَّب وذلك يدل على أن الثقافة تراكمية متفاعلة بين أكثر من جيل وأكثر من زمن، وهذا التركيب هو ما جعل من أبرز سماتها السعة والانتشار ولكن بالنظر إلى كونها مركَّبة ومتناقلة إذاً لا بد أن ترتكز على قواعد ومراسٍ تمتاز بالقوة والمتانة والثقة في مرجعيتها وفي طرحها وجمعها ثم نقلها وبعد ذلك الإضافة عليها، وأنا أتفق مع الأستاذ في أنها في الوقت الحالي أصبحت معلومات تصنعها المفوضية الثقافية المؤلفة من المدرسة والإنترنت ومنابر التواصل الاجتماعي والتلفزيون وغيرها من أدوات صنع ونقل الثقافة، أو كما في الوقت الراهن "المعلومات"، فهناك كم هائل من المعلومات التي يفيض بها إعلامنا بشتى قنواته ولكن ما قيمة تلك المعلومات لأجيالنا؟ وهل هي صالحة لأن تنضم إلى ذلك الكل المركَّب "الثقافة".

باتت معلومات بعض شباب اليوم هشة ضعيفة لا تحوي شيئاً يستحق أن يُذكر أو أن يُدرج في مفهوم الثقافة، فإن لم يُذكر مجد من سبقنا بعلمه وفنه وحكمته وذكائه وفطنته ومروءتهِ فكيف ستُصنع ثقافة اليوم لتكمل ذلك الكل المركَّب الذي لا بد أن يتناقله الأجيال فيما بينهم حتى نحافظ على ثقافتنا من منبعها السابق إلى آخر ما يُضاف إليها ويتم تداوله؟

فلم تعد هذه القنوات أو المفوضية الثقافية تكتُب أو تنشُر عن عباقرة العلم وأوائله أو فحول الشعر وقوافيه ولم يعُد يُعرض عن علمٍ من أعلام تاريخنا في الشاشات أو المجلات بل اكتفينا بما هو دون، معلومات هائلة لكنها لا تُغني ولا تُسمن من جوع.

فمقالتنا هنا لعلها تحفظ للثقافة شيئاً يسيراً من أصالتها ومتانة منابعها وطيّب شواهدها، ولعل جيل شباب اليوم يتغانم الفرصة ويضيف للثقافة ما يُثقِل ميزانها ويُعلي هامتها ويصنعُ فرقاً ثقافياً يستحقُ أن يُتناقل بين الأجيال.

**حقوق النشر محفوظة لمجلة القافلة، أرامكو السعودية