في معرض تعليقه على قرار الادارة الاميركية تصنيف الحرس الثوري الايراني منّظمة إرهابية، اعتبر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ما جرى “شيئا طبيعيا، لأن “الحرس” في موقع مركزي هو الأقوى والاهم والاشد تأثيرا، وهذا يعبر عن خيبة الرئيس الاميركي دونالد ترامب وخيبة الأميركيين”. غير ان اللافت للانتباه، وفق ما تقول مصادر سياسية “سياديّة” لـ”المركزية”، هو انه تحدّث مجددا عن ردّ فعلٍ يُمكن لمحور المقاومة ان يُقدم عليه، اذا لاحظ ان ثمة ما يستدعي تحرّكا من قبله.. ما يثير أكثر من علامة استفهام وتعجّب، على حد تعبيرها.
فـ”الأفعال” السياسية والعسكرية والاقتصادية التي أقدم عليها الاميركيون من جهة، والاسرائيليون من جهة ثانية، ضد أركان الخندق “الممانع” – سواء في استهداف نقاط تابعة للايرانيين وحزب الله في سوريا، أو ضرب بعض شاحنات الاسلحة في البقاع اللبناني، أو فرض عقوبات اقتصادية على الجمهورية الاسلامية وأذرعها – باتت لا تعدّ ولا تحصى. وفي أعقاب كلّ منها، خرج نصرالله وقادة الحرس الثوري أيضا، ليتوعّدوا بالانتقام في الوقت المناسب. الا ان هذه المواقف لا تزال حتى الساعة، تهديدات “مع وقف التنفيذ”. وقد قال أمين عام حزب الله أمس “لكل الذين يراهنون على الاجراءات الأميركية نقول، صحيح نحن حتى الآن أمام لوائح الارهاب نكتفي بالادانة والتنديد والصبر وشد الاحزمة بادارة الوضع، لكن هذا لا يعني اننا لا نملك أوراق قوة مهمة وأساسية ولا أتحدث فقط عن “حزب الله” بل عن محور المقاومة، نملك الكثير من عناصر القوة لكن هذه ليست سياسة دائمة وثابتة هناك بعض الاعمال التي يقدم عليها الأميركي، من يقول انها ستبقى من دون رد فعل، أنتم مخطئون. عندما يشعر اي فصيل أو جزء من محور المقاومة ان هناك وضعا خطيرا ما يتهددنا ويتهدد شعبنا وقضايانا الرئيسية ومن قال أننا سنكتفي بالاستنكار”.
وبحسب المصادر، يدلّ إحجامُ هذا الطرف حتى اللحظة، عن تنفيذ وعيده، الى أكثر من حقيقة. ففيما هو يدرك ان تل أبيب جادّة هذه المرة في عدم التساهل مع اي تصعيد ايراني، بالواسطة او بالمباشر، ضدّها، وهذه المعلومات التي وصلته عبر أكثر من قناة، تدفعه الى التفكير مرّتين قبل اتخاذ اي قرار في الرد، تقول المصادر ان الضيقة المالية التي أدخلته فيها العقوبات الاميركية، لها الأثَر البالغ أيضا، في هذا التريث.
فبعد ان كان نصرالله يؤكد منذ أشهر أنه لن يتأثر بالعقوبات، خاصة وأن أموال “الحزب” غير موجودة في المصارف اللبنانية ولا ضمن النظام المالي العالمي والدولي، تدرّج في خطابه حتى طلب منذ اسابيع من جمهوره المشاركة، كلٌّ حسب إمكانياته، في دعم المقاومة، قبل ان يجدد طلبَه هذا أمس، مضيفا اليه نداءً لمساعدة الجمهورية الاسلامية!
وفي قراءة المصادر، محورُ الممانعة يعاني فعلا جرّاء العقوبات، وخنقُه ماليا من قِبل الاميركيين، يبدو بدأ يفعل فعله، ويؤتي ثماره. فهم أرادوا من خلال هذا “السلاح” شلَّ قدرته على التحرك ميدانيا من جهة، وعلى خدمة بيئته اجتماعيا، من جهة ثانية. وعمليّا، هذا ما تحقق. حيث أعاق قطعُ الشريان الحيوي عن رئتي الحزب، الى حدّ كبير، نشاطَه العسكري والاجتماعي. وهذا الواقع الذي يرجَّح ان يزداد قسوة في الايام المقبلة مع توجّه اميركا نحو عقوبات اضافية، دفع نصرالله الى مصارحة جماهيره. فبعد ان كان “الحزب” في موقع الداعم لهم، بات اليوم، في حاجة الى دعمهم.